كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 13)

خالية، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتانا في ديارنا، وقال: "يا بني سلمة، بلغني أنكم تريدون النقلة إلى المسجد"، فقلنا: نعم، بعد علينا المسجد، والبقاع حوله خالية، فقال: "عليكم دياركم، فإنما يكتب آثاركم". قال: فما وددنا حضرة المسجد لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن عمر بن عبد العزيز: لو كان الله مغفلًا شيئًا لأغفل هذه الآثار التي تعفيها الرياح. والإمام: اللوح. وقرئ: (ويكتب ما قدموا وآثارهم) على البناء للمفعول، (وكل شيء) بالرفع.
[{واضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ القَرْيَةِ إذْ جَاءَهَا المُرْسَلُونَ * إذْ أَرْسَلْنَا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إنَّا إلَيْكُم مُّرْسَلُونَ * قَالُوا مَا أَنتُمْ إلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ومَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَيْءٍ إنْ أَنتُمْ إلاَّ تَكْذِبُونَ} 13 - 15]
{واضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا}: ومثل لهم مثلًا، من قولهم: عندي من هذا الضرب كذا، أي: من هذا المثال، وهذه الأشياء على ضرب واحد، أي: على مثال واحد. والمعنى: واضرب لهم مثلًا مثل أصحاب القرية، أي: اذكر لهم قصة عجيبة قصة أصحاب القرية. والمثل الثاني بيان للأول. وانتصاب {إَذْ} بأنه بدل من {أَصْحَابَ القَرْيَةِ}.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهذه الأشياء على ضرب واحد) أي: مثال واحد.
ذكر في "الأساس" في قسم المجاز: هم ضربائي، وقولهم: هو ضربه وضريبه، أي: مثله.
قوله: (والمثل الثاني بيان للأول). قال أبو البقاء: قيل: التقدير: واذكر مثلًا أصحاب القرية، والثاني بدل من الأول، والظاهر أن "اضرب" بمعنى: اجعل، فـ {أَصْحَابَ}: مفعول أول، {مَثَلًا} مفعول ثان، واختار مكي هذا. وقال: أصح ما يعطي القياس فيه هذا.

الصفحة 19