كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 13)

{تَطَيَّرْنَا بِكُمْ}: تشاءمنا بكم؛ وذلك أنهم كرهوا دينهم ونفرت منهم نفوسهم، وعادة الجهال أن يتيمنوا بكل شيء مالوا إليه واشتهوه وآثروه وقبلته طباعهم، ويتشأموا بما نفروا عنه وكرهوه، فإن أصابهم نعمة أو بلاء قالوا: ببركة هذا، و: بشؤم هذا، كما حكى الله عن القبط: {وإن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى ومَن مَّعَهُ} [الأعراف: 131]، وعن مشركي مكة: {وإن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِكَ} [النساء: 78]. وقيل حبس عنهم القطر فقالوا ذلك. وعن قتادة: إن أصابنا شيء كان من أجلكم. {طَائِرُكُم مَّعَكُمْ}، وقرئ: (طيركم)، أي: سبب شؤمكم معكم؛ وهو كفرهم، أو أسباب شؤمكم معكم؛ وهي كفرهم ومعاصيهم. وقرأ الحسن: (اطيركم) أي تطيركم. وقرئ: {أَئِن ذُكِّرْتُم} بهمزة الاستفهام وحرف الشرط، و: (آإن ذكرتم) بألف بينهما، بمعنى: أتتطيرون إن ذكرتم؟ وقرئ: (أأن ذكرتم)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ({تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} تشاءمنا بكم)، الراغب: الطائر: كل ذي جناح يسبح في الهواء، وتطير فلان واطير، وأصله التفاؤل بالطير، ثم يستعمل في كل ما يتفاءل به ويتشاءم وقوله: (إنما طائرهم عند الله) أي: شؤمهم: ما قد أعد الله لهم بسوء أعمالهم.
قوله: (وقرئ: "طيركم") قال الزجاج: طائر وطير بمعنى واحد، ولا أعلم أحدًا قرأ "طيركم" بغير ألف.
قوله: (وقرئ: {أَئِن ذُكِّرْتُم} بهمزة الاستفهام وحرف الشرط) وهي المشهورة، وقرأ أبو عمرو وقالون وهشام: "آئن" بألف بينهما، وهو استفهام وشرط محذوف الجواب، تقديره: آئن ذكرتم، أي: وعظتم وزجرتم عن الشرك تطيرتم؟

الصفحة 23