كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)

فلعمري لو ذُقْتُما حُرقَةَ الفُر ... قةِ أَبكاكُما الذي أَبكاني
كم رَمَتنْي صروفُ هذي الليالي ... بفِراق الأَحبابِ والخُلَّان
وهذا الشعر قديم؛ فإنَّ المهديَّ مرَّ بهما ونزل عندهما، وقال لجاريته حَسَنة: غني، فغنَّت: [من الطويل]
أَيَا نخلتَي وادي بُوَانةَ حبَّذا ... إذا نام حرَّاسُ النخيلِ جَناكُما (¬1)
فقال المهديّ: أُريد أن أقطعَ هاتين النَّخْلَتين، فقالت له حَسَنة: أُعيذك بالله أن تكونَ الذي أَشار إليه مُطيع، وأَنشدت البيتين، فقال: لله درك، واللهِ لا تعرَّضت. ووكَّل بهما مَن يَحفظهما ويقوم بأَمرهما.
وقد أكثر الشعراءُ في نخلَتي حُلوانَ، قال حمَّاد بنُ إِسحاق: [من الخفيف]
أيُّها العاذِلانِ لا تَعْذُلاني ... ودَعَاني من المَلامِ دعاني
وابكيا لي فإنَّني مُسْتَحِقٌّ ... منكما بالبكاءِأن تُسعِداني
وأنا منكما بذلك أوْلى ... من مُطيعٍ بنخلَتَي حُلْوانِ
فهما تجهلانِ ما كان يشكو ... من جَواه وأنتما تعلمان (¬2)
وقال آخر (¬3): [من الخفيف]
جَعل الله سِدْرَتَي قصرِ شِيريـ ... ــــــــــن فداءً لنخلتَي حُلْوانِ
جئتُ مُسْتَسعِدًا (¬4) فلم يسعداني ... ومُطيعٌ بكَتْ له النَّخلتان
وفيها رجع الرشيدُ إلى بغدادَ من الرَّيِّ بعد أن أَحسنَ إلى أهلها؛ لأنه وُلد بالرَّيّ.
وقال أبو العَتاهِية: [من السريع]
إنَّ أمينَ اللهِ في أرضه ... حنَّ به البِرُّ إلى مولدِهْ
ليُصلحَ الرَّيَّ وأَقطارَها ... ويُمطرَ الخير بها من يدهْ (¬5)
¬__________
(¬1) الأغاني 13/ 333، ومعجم البلدان (حلوان).
(¬2) المضاف والمنسوب ص 589 - 590، والأغاني 13/ 334، ومعجم البلدان (حلوان).
(¬3) هو حماد عجرد، انظر المصادر السابقة.
(¬4) في (خ): مستعديًا، والمثبت من المصادر.
(¬5) تاريخ الطبري 8/ 317.

الصفحة 120