كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)
المؤمنين، دعني حتى ترجعَ إليَّ نفسي، فقد طرقني وعيالي حالٌ اللهُ أعلمُ بها، فانتظر هُنيَّةً ثم أَنشد هارون: [من مجزوء الوافر]
جنانٌ قد رأيناها ... فلم نرَ مثلَها بشرا
فقال العبَّاس:
يزيدُك وجهُها حُسنًا ... إذا ما زدتَه نظرا
فقال هارونُ: زدني، فقال:
إذا ما الليلُ مال عليـ ... ك بالإِظلام واعتكرا
ودَجَّ فلم ترى قمرًا ... فأَبرِزْها ترى قمرا (¬1)
فقال له هارون: قد ذعرناك وأَفزعنا عبالك، وأقل الواجبِ أن نعطيَك دِيَتَك، فأمر له بعشرة آلافِ درهم.
ومن شِعر العبَّاس: [من البسيط]
قد سَحَّب الناسُ أذيال الظُّنون بنا ... وفرَّق الناسُ فينا قولَهم فِرَقا
مكاذب قد رمى بالظنِّ غيرَكمُ ... وصادقٌ ليس يدري أنَّه صَدَقا (¬2)
أخذه من قول العُقيلي: [من الطويل]
أَلَا يا سرورَ النَّفسِ ليس بعالمٍ ... بك الناسُ حتى يعالموا ليلةَ القدرِ
سوى رجمِهم بالظنِّ والظنُّ مخطئٌ ... مِرارًا ومنهم مَن يصيب ولا يدري (¬3)
وقال (¬4): [من البسيط]
أَفدي (¬5) الذين أَذاقوني مودَّتَهم ... حتى إذا أَيقظوني في الهوى رَقَدوا
¬__________
(¬1) الأبيات مع القصة في تاريخ بغداد 14/ 11 - 12، والمنتظم 9/ 206 - 207.
(¬2) الأغاني 8/ 367، وتاريخ بغداد 14/ 9، والمنتظم 9/ 206.
(¬3) تاريخ بغداد 14/ 10.
(¬4) نسبت الأبيات أيضًا لبشار بن برد، انظر ديوانه 2/ 228، وعيون الأخبار 3/ 78، وطبقات ابن المعتز ص 255، والأغاني 8/ 365، ووفيات الأعيان 3/ 20، والوافي 16/ 638.
(¬5) في المصادر: أبكي، وفي بعضها: أشكو.