كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)
أَسماكِ لي قومٌ وقالوا إنَّها ... لَهي التي تشقى بها وتكابدُ
فجَحَدتُهم ليكونَ غيرَك ظنُّهم ... إنِّي ليعجبني المحِبُّ الجاحدَ (¬1)
قلت: والبيتان من أبياتٍ أوَّلُها:
قالت مرِضْتُ فعُنتُها فتبَرَّمَت ... فهي الصَّحيحة والمريض العائدُ
تاللهِ لو أن القلوبَ كقلبها ... ما رقَّ للولد الضعيف الوالد
كتبت بأن لا تأتِنا فهجرتُها ... لتذوقَ طعمَ الهجْرِ ثم أُعاود
ماذا عليها أن يُلِمَّ برَبْعها ... ذو حلَّةٍ بسَلامةٍ مُتعاهد
إنْ كان ذَنْبي في الزِّيارة فاعلمي ... أنِّي على كسب الذُّنوب لَجاهد
أَسماكِ لي قومٌ وقالوا إنَّها ... لَهي التي تَشقى بها وتُكابِدُ
فجَحَدتُهم ليكونَ غيرَكِ ظنُّهم ... إنِّي لَيُعجبني المُحِبُّ الجاحد
إنَّ النساءَ حَسَدنَ وجهكِ حُسنَه ... حُسنُ النساءِ لحُسن وجهِك ساجد
جال الوِشاحُ على قضيبٍ زانَه ... رُمَّان صدرٍ ليس يُقطَفُ ناهِدُ
لمَّا رأيتُ الليلَ سدَّ طريقه ... عنِّي ولازمني الظلامُ الراكد
والنجمُ في كَبِد السماءِ كأنَّه ... أعمى تَحَيَّر ما لديهِ قائد
ناديتُ مَن طَرَد الرُّقادَ بنَومه ... عمَّا أكابِدُ وهو خِلوٌ هاجد
يا ذا الذي صَدَع الفؤادَ بصَدِّه ... أنت البلاءُ طريفُه والتَّالد
ألقيتَ بين جفونِ عيني فُرْقَةً ... فإلى متى أنا ساهرٌ يا راقد
اردد فؤادي ثم نَم في غِبطةٍ ... إنِّي امرؤٌ سهري لنَوْمِكَ حاسد (¬2)
قلت: وفي هذا نظر؛ لأنَّ وفاةَ العباسِ كانت بالبصرة (¬3)، قال الأَصمعي: بينا أنا ذاتَ يومٍ قاعدٌ في مجلسٍ بالبصرة، إذا بغلامٍ من أحسن الناسِ وجهًا، وأنظفِهم ثوبًا، واقفٌ على رأسي، فقال: إنَّ مولاي يريد أن يوصيَ إليك، فقمتُ معه، فأخذ بيدي
¬__________
(¬1) قال الخطيب في تاريخه 14/ 13: في هذا الخبر نظر، لأن وفاة العباس كانت بالبصرة، واختلف في الوقت الذي مات فيه.
(¬2) انظر بعض هذه الأبيات في زهر الآداب 2/ 947، والقعد الفريد 2/ 453، وتاريخ بغداد 14/ 10 - 11، ومحاضرات الأدباء 2/ 145.
(¬3) هذا القول للخطيب لا للمصنف أو المختصر، انظر تاريخ بغداد 14/ 13.