كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)
وكيف تُعرَض عليك صلاتُنا وقد أَرَمْتَ! -أي بليت- فقال: إنَّ الله حرَّم على الأرض أن تأكلَ أجسادَ الأنبياء". وأخرجه أبو داودَ في "السُّنن" (¬1) فكيف يتصوَّر أنه يتغيّر؟ ! وقد روينا عن أحمدَ في "المسند" (¬2) من حديث أبي هريرةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "ما من أحدٍ يسلِّم عليَّ إلَّا ردَّ اللهُ إليَّ روحي حتى أردَّ عليه".
وإذا كان البدن قد بلي واضمحلّ، فما بقي شيءٌ ترجع الروحُ إليه، وقد كان الواجبُ الإعراضَ عن رواية مثلِ هذه الآثار, التي لها في القلب آثار، ومذهبُ جماعةٍ من العلماء أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ في قبره، والواجب الإقْرارُ (¬3) بمثل هذا لرسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمًا لقدره.
قلت: ووقفت بعد هذا التاريخِ على كتابٍ من تصنيف الحافظِ أبي بكر أحمدَ بن الحسين بن عليٍّ البيهقيِّ سمَّاه كتابَ "حياة الأنبياءِ في قبورهم" بعث به إلى أبي سليمانَ خالدِ بن يوسفَ النابُلُسي المحدِّث، وهو سماعُه من ... (¬4) وفيه أخبار، من جُملتها ما رواه أنسٌ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "الأنبياءُ أحياءٌ في قبورهم يصلُّون" (¬5) وفي روايةٍ (¬6) عن أنسٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الأنبياءَ لا يُترَكون في قبورهم بعد أربعين ليلة، ولكنهم يصلون في قبورهم بين يدي الله تعالى حتى يُنفَخ في الصُّور" ومعناه: لا يُتركون ولا يصلُّون إلى هذا المقدار.
ورَوَى عن سفيانَ الثوريّ قال: قال سعيدُ بن المسيَّب (¬7): ما مكث نبيٌّ في قبره أكثرَ من أربعين ليلةً حتى يُرفع. وذَكَرَ حديث المعراجِ وأن نبيَّنا - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بموسى وهو قائمٌ يصلِّي في قبره، وهو في الصحيح] (¬8).
¬__________
(¬1) برقم (1047) و (1531)، والنسائي 3/ 91، وابن ماجه (1085) و (1636).
(¬2) برقم (10815)، وأخرجه أبو داود (2041).
(¬3) غير واضحة في (خ)، ولعل المثبت هو الصواب.
(¬4) كلمة غير واضحة.
(¬5) حياة الأنبياء بعد وفاتهم (1).
(¬6) برقم (4).
(¬7) في حياة الأنبياء (5): قال شيخ لنا عن سعيد بن المسيب.
(¬8) صحيح مسلم (2375) من حديث أنس - رضي الله عنه -.