كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)
اسمُها ضَعْف، قال إبراهيم: فتطيَّرتُ من اسمها، فقال لها: غنِّي، فغنَّت بأبيات النابغة (¬1): [من الطويل]
كُلَيبٌ لَعَمْري كان أكثرَ ناصرًا ... وأيسَرَ ذنبًا منك ضُرِّج بالدَّمِ
فتطيَّر وقال: غنِّي غيرَ هذا، فغنَّت: [من البسيط]
أبكى فراقُهمُ عيني فأرَّقها ... إنَّ التفرُّق للأحباب بكَّاءُ
ما زال يعدو عليهمْ ريبُ دهْرِهمُ ... حتى تفانَوا وريبُ الدهر عدَّاءُ (¬2)
فقال لها: لعنكِ الله، أما تعرفين غيرَ هذا! فقالت: ما تغنَّيت إلَّا بما ظننت أنَك تحبه، فقال: غنِّي، فغنَّت: [من المنسرح]
أما وربِّ السُّكون والحَرَكِ ... إنَّ المنايا كثيرةُ الشَّرَكِ (¬3)
ما اختلف الليلُ والنهارُ ولا ... دارت نجومُ السَّماءِ في فَلَكِ
إلا بنَقْل السلطانِ من مَلِكٍ ... عانٍ بحبِّ الدُّنا إلى مَلِك (¬4)
ومُلكُ ذي العرشِ دائمًا أبدًا ... ليس بفانٍ ولا بمشتَرَك
فلعنها وأقامها، وبين يديه قدحُ بلَّور طويلٌ من عجائب الأقداحِ صنعةً كان يسمِّيه زُبَّ رُبَّاح (¬5)، فعثرت الجاريةُ به فانكسر، فقال: يا إبراهيم، أما ترى؟ ! ما أظن أمري إلا قد قرب، وإذا بصوتٍ من دجلة يُسمع ولا يُرى له شخص: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: 41] فقُتل بعد يومين.
وقال السندي: جلس محمَّد ليلةً على بِساطٍ مُرَصَّع بالجواهر، وبين يديه عدَّةُ مُغَنِّيات، فغنَّت واحد وقالت: [من الطويل]
¬__________
(¬1) هو النابغة الجعدي، والبيت في ديوانه ص 143، وتاريخ الطبري 8/ 476 و 513.
(¬2) تاريخ الطبري 8/ 477، والأغاني 1/ 52، ومصارع العشاق 1/ 144، وتاريخ دمشق 65/ 243 دون نسبة.
(¬3) كذا في تاريخ الخلفاء ص 300، وفي تاريخ دمشق 65/ 242: سريعة الدرك.
(¬4) في المصادر اختلاف في رواية الشطر الثاني: انظر إضافة إلى المصدرين السابقين ديوان أبي العتاهية ص 274، وعيون الأخبار 2/ 307، والأغاني 4/ 105.
(¬5) وهو ضرب من تمور البصرة. تاج العروس (ربح).