كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)
أمنعك، متى طلبتُ أنَّ القاضي يجيء إلى بابي! !
وقال الإمام أحمدُ رحمه الله: لزمتُ هشيمًا خمسَ سنين، فما سألته عن شيء هيبةً له، إلَّا مرتين، وكان هُشيمٌ يُكثر التسبيحَ بين الحديث ويقول: لا إله إلَّا الله، يمدُّ بها صوتَه. وأقام يصلِّي الفجرَ بوضوء العشاءِ الآخرةِ مدَّة سنين.
وتوفِّي ببغدادَ يومَ الأربعاءِ لعشرٍ مَضَين من رمضانَ أو شعبان، سنةَ اثنتين وثمانين ومئة (¬1).
وأَسند عن كبار الأئمَّة، كعَمرو بن دينارٍ وغيرِه.
وروى عنه مالكُ بن أنسٍ والثوريُّ والإمام أحمدُ بن حنبل وابنُ المبارك وخلقٌ كثير من التّابعين.
وكان ثقةً صدوقًا، لم يُعَب بشيء إلَّا بالتدليس.
القاضي أبو يوسفَ
يعقوبُ بن إبراهيم [بنِ حبيب (¬2)] بن سعد بن بَحير (¬3) بن معاويةَ الجُشَمي (¬4). وسعد بن بَحير من الصّحابة، أُتي به يومَ الخندق إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فدعا له ومسح على رأسه، فتلك المَسْحةُ في أبي يوسفَ وولدهِ إلى الآن.
وكان يحضر الحديثَ فيحفظ خمسًا وستِّين حديثًا، ويقوم فيُمليها على النَّاس، ثم لزم أبا حنيفةَ وتفقَّه عليه، وغلب عليه الرأيُ، فجفا أصحابَ الحديث.
وكان يحفظ التفاسيرَ والفقهَ والأحاديثَ وأيَّام العرب والسِّيَر.
وكان ورده في كلِّ يومٍ وليلة مئتَي ركعة. وهو أوَّل مَن دُعي بقاضي القضاةِ في الإسلام.
¬__________
(¬1) الذي في المصادر أنَّه توفي لعشر مضين من شعبان سنة 183، انظر تاريخ بغداد 16/ 143، والمنتظم 9/ 90، وتاريخ الإسلام 4/ 994، والسير 8/ 287 والمصادر فيه.
(¬2) زيادة من المصادر، انظر طبقات ابن سعد 9/ 332، والمنتظم 9/ 71، وتاريخ بغداد 16/ 360، وتاريخ الإسلام 4/ 1021، والسير 8/ 535 والمصادر في هوامشه.
(¬3) كذا ضبطه ابن خلكان في الوفيات 6/ 389، والعلامة الكوثري في حسن التقاضي ص 5.
(¬4) انظر تلقيح فهوم أهل الأثر ص 197.