كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)
يا نُواسيُّ توقَّرْ ... وتَعَزَّ وتَصَبَّرْ
إنْ يكن ساءك دَهْرٌ ... فلَمَا سَرَّك أكثر
يا كبيرَ الذَّنْبِ عَفوُ ... اللهِ عن ذنبك أكبر
ليس لإنسان إلَّا ... ما قضى اللهُ وقدَّر (¬1)
[وحكى ابنُ عساكرٍ عن عليِّ] بن الأعرابي قال (¬2): أشعرُ الناسِ أبو نُواس حيث يقول: [من الطويل]
تَغَطَّيتُ من دَهْري بظِلِّ جَناحِه ... فعَيني ترى دَهْري وليس يراني
فلو تسألِ الأيامَ ما اسمي لَمَا دَرَتْ ... وأين مكاني ما عَرَفْنَ مكاني (¬3)
وقال أبو العتاهِية: أشعرُ الناس أبو نواسٍ حيث يقول في المديح: [من الطويل]
إذا نحن أثْنَينا عليك بصالحٍ ... فأنت كما نُثني (¬4) وفوق الذي نُثني
وإنْ جَرَت الألفاظُ يومًا بمِدْحَةٍ ... لغيرك إنسانًا فأنت الذي نعني
وقال ابنُ عائشة: كنا عند عبدِ الواحد بن زيادٍ (¬5) ومعنا أبو نواس، فقال: [من مجزوء الرمل]
ولقد كنَّا رَوَينا ... عن سعيدٍ عن قَتادهْ
ورَوَيناه قَديمًا ... أنَّ سعدَ بنَ عُباده
قال من مات مُحِبًّا ... فله أجْرُ الشَّهاده
فقال عبدُ الواحد: اُغربْ يا خبيث، واللهِ لا حدَّثتك بعد اليومِ بحديثٍ واحد.
قال المصنِّف رحمه الله: لا وجهَ لإنكار عبدِ الواحد؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أشار إلى هذا المعنى، فروى ابنُ عباس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَن عَشِق فعَفَّ فمات فهو شهيد" (¬6).
¬__________
(¬1) تاريخ بغداد 8/ 488.
(¬2) في (خ): وقال ابن الأعرابي. والكلام في تاريخ دمشق 4/ 610.
(¬3) الديوان ص 650 - 651.
(¬4) في (خ): فأنت الذي تثني، والمثبت من تاريخ دمشق 4/ 610، والديوان ص 647.
(¬5) في (خ): زيد، والمثبت من تاريخ بغداد 8/ 478، وتاريخ دمشق 4/ 622، والبداية والنهاية 14/ 70.
(¬6) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 3/ 165 - 166 وغيره، وانظر الكلام عليه في التلخيص الحبير 2/ 142، =