كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)
يا دارُ ما فَعَلت بكِ الأيَّامُ ... لم تُبْقِ فيكِ بَشاشَةً تُستامُ (¬1)
قال: فتَطيَّر الأمين وقال: ويحك ما هذا! فقال:
عَرَمَ الزَّمانُ على الذين عَهِدْتُهمْ ... بكِ قاطِنينَ وللزَّمان عُرامُ
فلعنه الأمين، فلمَّا قال:
وإذا المَطيُّ بنا بَلَغْنَ محمَّدًا ... فظُهوُرهنَّ على الرِّجال حَرامُ
قَرَّبْنَنا من خير مَن وَطئ الحَصى ... فلها علينا حُرْمَةٌ وذِمام
سُرِّي عنه وقال: ذاك رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. ومنها:
وبَلَغتُ ما بلغ امرؤٌ بشَبابه ... فإذا عُصارَةُ كلِّ ذاك أَثامُ
وتَجَشَّمتْ بي هولَ كلِّ تَنوفةٍ (¬2) ... هَوْ جاءُ فيها جُرْأةٌ إقدام
تَذَرُ المَطيَّ وراءها فكأنها ... صَفٌ تَقَدَّمُهُنَّ وهي إمام
وإذا المَطيُّ بنا بَلَغْنَ محمَّدًا ... فظُهورُهنَّ على الرِّجال حَرام
قرَّبْنَنا من خَيرِ مَن وَطئَ الحَصى ... فلها علينا حُرْمَةٌ وذِمام
رُفِعَ الحِجابُ لنا فلاح لناظري ... قَمَرٌ تَقَطَّعُ دونه الأوهام
داوى به اللهُ القلوبَ من الجَوى ... حتى بَرِئْنَ وما بهنَّ سَقام
فسَلِمْتَ للعِلم الذي تُهدى به ... وتقاعَسَتْ عن يومك الأيام
ومن شِعره: [من السريع]
أيَّةُ نارٍ قَدَح القادحُ ... وأيّ جدٍّ مَزح المازحُ (¬3)
لله درُّ الشيب من ناصِح ... وواعِظٍ لو قُبل النَّاصِح
يأبى الفتى إلَّا اتِّباعَ الهَوى ... ومَنْهَجُ الحَقِّ له واضح
فاعْمَد بعَينَيك إلى نِسوةٍ ... مُهورُهُنَّ العملُ الصالح
لا يَجْتَلي العَذْراءَ من خِدْرِها ... إلَّا امرؤٌ ميزانُه راجح
مَن يَتَّقِ اللهَ فذاك الذي ... سِيقَ إليه المَتْجَرُ الرَّابح
¬__________
(¬1) انظر طبقات الشعراء لابن المعتز 211.
(¬2) في (خ): في هول كل أنوفة، والمثبت من الديوان 575، وطبقات ابن المعتز، والتنوفة: المفازة.
(¬3) في تاريخ بغداد 8/ 482، ودمشق 4/ 624: بلغ المازح.