كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)

ما لي أرى القُبَّة البيضاءَ (¬1) مُقْفَلَةً ... دوني وقد طالما استَفْتَحْتُ مُقْفَلَها
أظنُّها (¬2) جنَّةَ الفِردوس مُعرضةً ... وليس لي عملٌ زاكٍ فأدخُلَها
[وروى الخطيبُ (¬3) أن أبا نواسٍ دخل على الأمين، فقال له: يا حسن، بلغني أنَّك زنديق، فقال: يا أميرَ المؤمنين، كيف أكون زنديقًا وأنا القائل: [من الطويل]
أصلِّي الصلاةَ الخمسَ في حينِ [وقتها] (¬4) ... وأشهدُ بالتوحيد لله خاضعا
وأُحسِنُ غُسْلًا إن ركبتُ جَنابةً ... وإن جاءني المسكين لم أكُ مانعا
من أبيات، قال: صدقت، وأمر له بجائزة.
وقال محمَّد بن عُبيد الله العُتْبي: وقد نظم أبو نواسٍ قولَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الأرواحُ جنودٌ مجنَّدة ... " الحديث (¬5)، فقال: [من البسيط]
إنَّ القلوبَ لَأجنادٌ مُجَنَدة ... لله في الأرض بالآلاء (¬6) تَعْتَرفُ
فما تَناكَر منها فهو مُخْتلفٌ ... وما تعارف منها فهو مؤتَلِف
وقيل: لعليِّ - عليه السلام -.
وأبو نُواسٍ فقد كان له لَهْوٌ ولَعِب أولَ زمانه، ثم تاب في آخر عُمره، وخصوصًا عند موته؛ لِمَا نذكر.
[وقال الخطيبُ (¬7) بإسناده إلى أبي جعفرٍ الصَّائع قال: لمَّا احتُضر أبو نواسٍ قال: اكتبوا هذه الأبياتَ على قبري: ] (¬8) [من مجزوء الكامل]
وعَظَتْك أجْداثٌ صُمُتْ ... ونَعَتْك أزْمِنَةٌ خُفُتْ
¬__________
(¬1) في الديوان: الحجرة الفيحاء.
(¬2) في الديوان: كأنها.
(¬3) في تاريخه 8/ 480، وما بين حاصرتين من (ب).
(¬4) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد. والبيتان ليسا في الديوان.
(¬5) أخرجه البخاري (3336) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وأخرجه مسلم (2638) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬6) في الديوان ص 423: بالأهواء، والمثبت موافق لما في تاريخ دمشق 4/ 621، وهذا الخبر ليس في (خ).
(¬7) في تاريخه 8/ 490، وما بين حاصرتين من (ب).
(¬8) في (خ): وقال وأوصى أن يكتب على قبره، والمثبت من (ب).

الصفحة 347