كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)

وتَكَلَّمت عن أوجُهٍ ... تَبلى وعن صُوَرٍ سُبُت
وأرتْك قبرَك في القبو ... رِ وأنت حيٌّ لم تَمُت
يا ذا المُنى يا ذا المُنى ... عِشْ ما بدا لك ثم مُت
[وحكى المُعافَى بنُ زكريا عن] أبي العباس [قال: ] (¬1) أنشدتُ الإمامَ أحمد بنَ حنبلٍ رحمه الله قولَ أبي نُواس: [من الطويل]
إذا ما خَلوتَ الدهرَ يومًا فلا تَقُلْ ... خلوتُ ولكن قلْ عليَّ رقيبُ
ولا تَحْسبنَّ الله يَغْفُل ساعةً ... ولا أنَّ ما يَخْفى عليه يغيبُ
لَهَونا لَعَمْرُ اللهِ حتى تتابَعَتْ (¬2) ... ذُنوبٌ على آثارهنَّ ذنوب
فيا ليت أنَّ اللهَ يَغفرُ ما مضى ... ويأذنُ في توباتنا فنتوب
فبكى الإمام أحمدُ رحمةُ الله عليه وجعل يُرَدِّدها (¬3).
وقال [الخطيبُ (¬4) بإسناده عن] علي بن محمَّد بنِ زكريا [قال: ] دخلتُ على أبي نواسٍ وهو يَكِيدُ (¬5) بنفسه [فقال لي: أتكتب؟ قلت: نعم، فأنشأ يقول: [من الخفيف]
دَبَّ فيَّ الفَناءُ سُفْلًا وعُلْوا ... وأراني أموت عُضوًا فعضوا
ذهبتْ شِرَّتي بجِدَّة نفسي (¬6) ... وتذكَّرتُ طاعةَ اللهِ نِضْوا
ليس من ساعةٍ مَضَت بيَ إلَّا ... نَقَصَتْني بمَرِّها بيَ جُزْوا
لَهْفَ نفسي على لَيالٍ وأيَّا ... مٍ تَمَلَّيتُهنَّ لَعْبًا ولَهوا
قد أسأنَا كلَّ الإساءة يا ربّ ... فصَفحًا عنا إلهي وعفوا
و[روى ابنُ عساكرٍ (¬7) عن محمَّد بنِ أبي عُمير قال: ] قال أبو نُواسٍ عند الموت: واللهِ ما خَلَعْتُ سراويلي على حرامٍ قطّ.
¬__________
(¬1) في (خ): وقال أبو العباس.
(¬2) رواية الديوان ص 103: لهونا بعمر طال حتى ترادفت، والمثبت موافق لما في تاريخ دمشق 4/ 633.
(¬3) بعدها في (ب): ذكر وفاته.
(¬4) في تاريخه 8/ 489 - 490، وما بين حاصرتين من (ب).
(¬5) في (خ): يجود. وهما بمعنى.
(¬6) في الديوان ص 691: ذهبت جدتي بطاعة نفسي.
(¬7) في تاريخه 4/ 619، وما بين حاصرتين من (ب).

الصفحة 348