كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)

أغضبَ عليك غضبةً لا أرضى عليك بعدها أبدًا. [والله أعلم.
ذِكر بعضِ كراماته:
روى الخطيبُ (¬1) عن] ابن شيرويه قال: كنت أجالس معروفًا كثيرًا، فلمَّا كان ذات يومٍ قلت له: يا أبا محفوظ، بلغني أنَّك تمشي على الماء! فقال: ما فعلته قطّ، ولكن إذا هممت بالعبور، يُجمع لي طرفاها فأتخطَّاها. يعني دِجلة. وقيل له: إنَّك تمشي على الماء! فقال: هذا الماءُ وها أنا. وإنَّما أراد المعاريض.
وقال [الخطيبُ (¬2) عن] محمد بنِ منصور [قال]: كنت عند معروفٍ يومًا، وجئته من الغد وإذا في وجهه أَثَر، فقلت: يا أبا محفوظ، كنت عندك أمسِ وما بك هذا الأثر، فما هذا؟ ! فقال: سَلْ عما يعنيك، فقلت له: بالله ما سببُه؟ ! فقال: ويحك، ما دعاك على أن تُقسمَ عليَّ بالله، وتغيَّر وجهه، ثم قال: صلَّيت البارحةَ ها هنا وأردت أن أطوفَ بالبيت، فمضيت إلى مكَّة، فطُفت، ثم مِلت إلى زمزمَ لأشربَ من مائها، فزلقت على الباب، فأصاب وجهي هذا.
[وروى الخطيبُ عن] الفضل بنِ محمد الرَّقاشي [قال] (¬3): دخلتُ يومًا على معروفٍ وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ ! قال: ذهب الإخوان، وشحَّ الناس على الدنيا ونسُوا الآخرة. ثم قام ومشى، ومشيت معه إلى دكَّان أخيه، فسلَّم عليه وقعد، وكان أخوه دقَّاقًا، فقال له أخوه: اِجلس ساعة؛ فإنَّ لي شغلًا، وقام أخوه وذهب في حاجته، فرأى معروفٌ الصبيانَ والأرامل والضعفاءَ جلوسًا، فأخذ يفرِّق عليهم الدقيقَ إلى أن نظَّف الدكان، وجاء أخوه فصاح وقال: أَفقرتَني، فقام معروف ورجع إلى مسجده، ففتح أخوه الصُّندوق، فإذا هو مملوءٌ دراهم، فوزنها وإذا هو قد ربح لكلِّ درهمٍ سبعين، فقام يعدو إلى معروف، فقال: يا أخي، تجيءُ غدًا إلى دكاني ساعة؟ فقال: هذا لا يجيء على التجربة (¬4).
¬__________
(¬1) في تاريخه 15/ 272. وفي (خ): وقال ابن شيرويه.
(¬2) في تاريخه 15/ 267. وما بين حاصرتين من (ب).
(¬3) في (خ): وقال الفضل بن محمد الرقاشي. ولم نقف على الكلام في تاريخ الخطيب البغدادي.
(¬4) بعدها في (ب): ولا كرامة.

الصفحة 360