كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)

جاءت امرأةٌ إلى العوفيِّ ومعها رجلٌ وصَبي، فقالت: أعز اللهُ القاضي، هذا زوجي وهذا ولدي منه، فقال له القاضي: هذه امرأتُك؟ قال: نعم، قال: وهذا ولدُك؟ قال: لا، أنا رجل خَصِيّ. فألزَمَه الولد، فأخذه فوضعه على عُنقه، فلقيه رجلٌ فقال: ما هذا الصَّبيُّ منك؟ قال: القاضي يُفرِّق أولادَ الزِّنى على الخِصيان.
وحكى الخطيبُ (¬1) عن طلحةَ بنِ محمد قال: كان العوفيُّ جليلَ القدر، من أصحاب أبي حنيفة، وكان سليمًا مُغَفَّلًا، وكان يجتمع في مجلسه قومٌ يتناظرون وبين يديه كتابٌ ينظر فيه، ثم يُلقي منه المسائلَ ويقول لمن يلقي عليه: أخطأتَ وأصبت، من الكتاب].
وكان المهديُّ قد جعله على المَظالم، فحضر ليلةً عند المهدي، فصلَّى المغرب وقام يتنفَّل، فجذب العوفيُّ بثوبه، فقال: ما الذي بك؟ ! قال: أمرٌ أولى من النافلة، قال: وما هو؟ قال: سلامٌ مولاك، وكان سلامٌ واقفًا على رأسه، قال: ما الذي بك؟ قال: غصب بني فلانٍ ضَيعتهم، مُرْه بردّها، فقال: حتى نصبح، فقال: لا واللهِ إلَّا الساعة، فقال المهديُّ لبعض قوَّاده: اذهب فأَخرج مَن فيها من أصحاب سلامٍ وسلِّمها إلى أصحابها، فما أصبحوا حتى رُدَّت عليهم.
[ذِكر وفاته:
ذكر خليفةُ أنه مات في سنة إحدى ومئتين (¬2). وقال ابنُ سعد: سنةَ اثنتين ومئتين (¬3)] حدَّث العوفيُّ عن الأعمش ومِسْعرَ بن كِدَامٍ وغيرهما، وقد تكلَّموا فيه.
[وفيها توفي]

الحسينُ بن عليّ
أبو عبدِ الله الجُعْفي (¬4). من الطبقة السابعةِ من أهل الكوفة، الزاهدُ العابد.
كان سفيانُ الثوريُّ والإمام أحمدُ رحمةُ الله عليهما إذا رأياه قاما إليه واعتنقاه وقالا: مرحبًا بالعابد.
¬__________
(¬1) في تاريخه 8/ 556.
(¬2) طبقات خليفة ص 328، وكذا أورده ابن الجوزي في وفيات سنة (201 هـ).
(¬3) ذكر ابن سعد في طبقاته 9/ 333 القولين على الشك.
(¬4) طبقات ابن سعد 8/ 519، المنتظم 10/ 117، تهذيب الكمال، السير 9/ 397، تاريخ الإسلام 5/ 53.

الصفحة 378