كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)

حدَّثني أبي محمَّد، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليِّ بن أبي طالب، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "ما من مَلِكٍ يصل رَحِمَه وذا قرابتِه ويعدل على رعيَّته، إلَّا شيَّد اللهُ مُلْكَه، وأَجزل له ثوابَه، وأَكرم مآبَه، وخفَّف حسابَه".
وكان عمرُ بن حبيبٍ القاضي على قضاء الشَّرْقية، فاستعدى إليه رجلٌ على عبد الصَّمد، فأَرسل إليه رسولًا، فلم يحضرْ إلى مجلس الحكم، فختم عمرُ قِمَطرَه وقعد في بيته، وبلغ هارونَ فقال: واللهِ لا مشى عبدُ الصَّمد إلى مجلس الحكمِ إلَّا حافيًا (¬1)، وكان شيخًا كبيرًا، فبُسطت له اللُّبود ومشى مسافةً بعيدة، وجعل يقول: أَتعبني أميرُ المؤمنين.
فلمَّا صار إلى مجلس القاضي، أراد أن يجلسَ إلى جانبه، فصاح عليه عمرُ بن حبيب: اِجلس مع خصمِك، فساواه وحكم عليه لخصمه، فقال عبدُ الصَّمد: لقد حكمتَ عليَّ بحكمٍ لا يجاوز أصلَ أُذنك، فقال له عمر: لقد طوَّقتُك بطوقٍ لا يفكُّه عنك الحدَّادون.
ومن مسانيده: عبدُ الصَّمد، عن أبيه، عن جدِّه، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أكرموا الشُّهود؛ فإنَّ اللهَ يستخرج بهم الحقوق، ويدفعُ بهم الظُّلم" (¬2).

محمَّد بن إبراهيمَ الإمام
ابنِ محمِّد بن عليِّ بنِ عبد اللهِ بن عباس، أبو عبدِ الله الهاشميّ.
وَلَيَ إمرةَ دمشقَ للمنصور والمهديّ (¬3)؛ وأقام للنَّاس الحجَّ عدةَ سنين، ووُلد سنةَ اثنتين وعشرين ومئة. وكان عاقلًا جَوَادًا مُمَدَّحًا، جاءه العَنْبَرِيُّ الشاعر فقال: [من الرمل]
اقضِ عنِّي يا ابنَ عمِّ المصطفَى ... أنا بالله من الدَّين وبكْ
من غريمٍ فاحشٍ يَرزؤني (¬4) ... أشوَهُ الوجهِ لعِرضي مُنْتَهِكْ
¬__________
(¬1) في (خ): ماشيًا، وهو تحريف، والمثبت من تاريخ بغداد 13/ 30، وتاريخ دمشق 42/ 285.
(¬2) أخرجه ابن عساكر 10/ 336 - 337. وقال الذهبي في الميزان 2/ 620: هذا منكر.
(¬3) في تاريخ دمشق 60/ 342، وتاريخ الإسلام 4/ 953، والسير 9/ 88 أنَّه وليها للمهدي والرشيد، وانظر تاريخ بغداد 2/ 266، والمنتظم 9/ 108.
(¬4) في تاريخ دمشق 60/ 347: يقدر لي، وفي العقد الثمين 1/ 402: يقذرني.

الصفحة 68