كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 13)

وقال الحسنُ (¬1) بن قريش: وكان للرَّشيد ولدٌ اسُمه القاسمُ في حِجْر عبدِ الملك بن صالح، فكتب عبدُ الملك إلى الرَّشيد: [من مجزوء الكامل]
يا أيُّها المَلِكُ الذي ... لو كان نجمًا كان سَعْدا
اعقِد لقاسم بيعةً ... واقدحْ له في المُلْكِ زَنْدا
اللهُ فردٌ واحدٌ ... فاجعل ولاةَ العهدِ فَرْدا (¬2)
فبايع هارونُ للقاسم بعد الأمينِ والمأمون، وأعطاه الجزيرةَ والثُّغورَ والعواصم، ولقَّبه المؤتَمن، فقال عبدُ الملك بنُ صالح: [من البسيط]
حبُّ الخليفةِ حبٌّ لا يَدين به ... مَن كان لله عاصٍ يعمل الفِتَنا
اللهُ قلَّد هارونًا سياستَنا ... لمَّا اصطفاه فأحيى الدِّينَ والسُّنَنا
وقلَّد الأمرَ هارون (¬3) لرأفته ... بنا أمينًا ومأمونًا ومؤتَمَنا
ولمَّا قلَّد هارونُ الأمرَ لبنيه الثلاثةِ وقسم الأرضَ بينهم، اختلف الناسُ في القول، فقال بعضُهم: قد أَحكم أمرَ المُلك. وقال بعضهم: بل أَلقى بأسَهم بينهم، وعاقبةُ ما صنع مَخُوفة. فكان كما قالوا وأَبلغَ، وفي ذلك يقول الشَّاعر: [من الوافر]
أقول لغُمَّةٍ في النَّفس مني ... ودمعُ العينِ يَطَّرد اطِّرادا
خُذي للقول عُدَّتَه بحَزْمٍ ... ستلقَي ما سيمنعُكِ الرُّقادا
فإنَّك إنْ بقيتِ رأيتِ أمرًا ... يُطيل لك (¬4) الكآبةَ والسُّهادا
رأى المَلِكُ المهذَّبُ شرَّ رأيٍ ... بقِسمته الخلافةَ والبلادا
برأيٍ لو تعقَّبه بعلمٍ ... لبيَّض مِن مَفارقِه السَّوادا
أَراد به ليَقطعَ عن بنيه ... خلافَهمُ ويَبتذلوا الودادا (¬5)
فقد غرس العداوةَ غيرَ آلٍ ... وأَورث بينهمْ إِلفًا بَدادا (¬6)
¬__________
(¬1) في (خ): الحسين، والمثبت من تاريخ الطبري 8/ 276.
(¬2) تاريخ الطبري، والمنتظم 9/ 111، والبداية والنهاية 13/ 634.
(¬3) في (خ): هارونًا. والتصويب من تاريخ الطبري 8/ 276.
(¬4) في (خ): له، والمثبت من تاريخ الطبري 8/ 277.
(¬5) في (خ): الولادا؟ !
(¬6) كذا في (خ)، وفي تاريخ الطبري: وأورث شملَ ألفتهم.

الصفحة 72