كتاب السنن (المعروف بالسنن الكبرى) للنسائي - ط التأصيل (اسم الجزء: 13)

قَالَ: فَأَكْفَرَ النَّاسُ سُلَيمَانَ, حَتَّى بَعَثَ اللهُ مُحَمدًا صَلى الله عَليه وسَلم، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مُحَمدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ: {وَمَا كَفَرَ سُلَيمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} يَقُولُ الَّذِي صَنَعُوا، فَخَرَجَ سُلَيمَانُ يَحْمِلُ عَلَى شَاطِئِ البَحْرِ، قَالَ: وَلَمَّا أَنْكَرَ النَّاسُ، لَمَّا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى سُلَيمَانَ مُلْكَهُ أَنْكَرُوا، انْطَلَقَتِ الشَّيَاطِينُ جَاؤُوا إِلَى نِسَائِهِ، فَسَأَلُوهُنَّ، فَقُلْنَ: إِنَّهُ لَيَأْتِينَا وَنَحْنُ حُيَّضٌ، وَمَا كَانَ يَأْتِينَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَى الشَّيْطَانُ أَنَّهُ حَضَرَ هَلاكُهُ هَرَبَ وَأَرْسَلَ بِهِ فَأَلْقَاهُ فِي البَحْرِ، وَفِي الحَدِيثِ: فَتَلَقَّاهُ سَمَكُهُ، فَأَخَذَهُ، وَخَرَجَ الشَّيْطَانُ حَتَّى لَحِقَ بِجَزِيرَةٍ فِي البَحْرِ، وَخَرَجَ سُلَيمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَحْمِلُ لِرَجُلٍ سَمَكًا، قَالَ: بِكَمْ تَحْمِلُ؟ قَالَ: بِسَمَكَةٍ مِنْ هَذَا السَّمَكِ، فَحَمَلَ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغَ بِهِ, أَعْطَاهُ السَّمَكَةَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا الخَاتَمُ، فَلَمَّا أَعْطَاهُ السَّمَكَةَ, شَقَّ بَطْنَهَا يُرِيدُ يَشْوِيهَا، فَإِذَا الخَاتَمُ فَلَبِسَهُ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الإِنْسُ وَالشَّيَاطِينُ، فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِ الشَّيْطَانِ، فَجَعَلُوا لا يُطِيقُونَهُ، فَقَالَ: احْتَالُوا لَهُ، فَذَهَبُوا، فَوَجَدُوهُ نَائِمًا قَدْ سَكِرَ، فَبَنَوْا عَلَيْهِ بَيْتًا مِنْ رَصَاصٍ، ثُمَّ جَاؤُوا لِيَأْخُذُوهُ، فَوَثَبَ فَجَعَلَ لا يَثِبُ فِي نَاحِيَةٍ إِلاَّ أَمَاطَ الرَّصَاصَ مَعَهُ، فَأَخَذُوهُ، فَجَاؤُوا بِهِ إِلَى سُلَيمَانَ، فَأَمَرَ بِتَخْتٍ (1) مِنْ رُخَامٍ، فَنُقِرَ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي جَوْفِهِ، ثُمَّ سَدَّهُ بِالنُّحَاسِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ, فَطُرِحَ فِي البَحْرِ.
_حاشية__________
(1) في طبعة الرسالة: «بحنت».

الصفحة 18