كتاب السنن (المعروف بالسنن الكبرى) للنسائي - ط التأصيل (اسم الجزء: 13)

وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ تَكُونُ دُوَلاً، يُدَالُ عَلَيْكُمُ المَرَّةَ، وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الأُخْرَى، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ، تُبْتَلَى, وَيَكُونُ لَهَا العَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ: بِمَاذَا أَمَرَكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ، وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاةِ، وَالصِّدْقِ، وَالعَفَافِ، وَالوَفَاءِ بِالعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَاتِ، قَالَ: وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ, قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، وَإِنْ يَكُنْ مَا قُلْتَ حَقًّا، فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، فَوَاللَّهِ لَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ إِلَيْهِ، لَتَجَشَّمْتُ لُقِيَّهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ غَسَلْتُ عَن قَدَمَيْهِ، قَالَ أَبو سُفيانَ: ثُمَّ دَعَا بِكَتَابِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، فَأَمَرَ بِهِ فَقُرِئَ، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمدِ بْنِ عَبدِ اللهِ رَسُولِهِ (1)، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمُ الْيَرِيسِيِّينَ (2)، وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} قَالَ أَبو سُفيانَ: فَلَمَّا قَضَى مَقَالَتَهُ, عَلَتْ أَصْوَاتُ الرُّومِ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ، فَلا أَدْرِي مَاذَا قَالُوا، وَأَمَرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا، قَالَ أَبو سُفيانَ: فَلَمَّا خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِي, وَخَلَصْتُ بِهِمْ، قُلْتُ: لَقَدْ أَمِرَ (3) ابنِ أَبي كَبْشَةَ، هَذَا مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ يَخَافُهُ، قَالَ أَبو سُفيانَ: فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ قَلِيلاً (4) مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ، حَتَّى أَدْخَلَ اللهُ قَلْبِيَ الإِسلامَ وَأَنَا كَارِهٌ.
_حاشية__________
(1) في طبعة الرسالة: «من محمد عبد الله ورسوله».
(2) في طبعة الرسالة: «الأَرِيسِيِّين", والمثبت عن طبعة دار التأصيل, وقال محققها: كذا في (د) , وكذا وقع عند البخاري (رقم 7) في رواية أبي ذر والأصيلي وغيرهما, والمشهور: «الأريسيين» بالهمزة في أولها, وقد تقلب ياء كما وقع هنا. واليريسيين أي: الفلاحين, ونبه بهؤلاء دون جميع الرعايا؛ لأنهم الأغلب. انظر: شرح النووي على مسلم 12/ 109.
(3) في طبعة الرسالة: «لقد أَمِرَ أَمْرُ».
(4) في طبعة الرسالة: «ذليلاً"

الصفحة 62