كتاب مصنف ابن أبي شيبة ط السلفية بالهند (اسم الجزء: 13)

أَدْخِلْهُمْ عَلَيْهِمْ حُلِيُّهُمْ وَبِزّتِهِمْ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ , فَأَمَرَهُمْ فَأَخَذُوا بِزَّتِهِمْ وَحُلِيَّهُمْ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى عُمَرَ ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ لِعُمَرَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَيَّ كَلاَمَ أُكَلِّمَكَ ؟ أَكَلاَمُ رَجُلِ حَيٍّ لَهُ بَقَاءَ أَوْ كَلاَمُ رَجُلٍ مَقْتُولٍ ؟ قَالَ : فَخَرَجْتْ مِنْ عُمَرَ كَلِمَةٌ لَمْ يُرِدْها ، تَكَلَمَ فَلاَ بَأْسَ عَلَيْكَ ، فَقَالَ لَهٌ الْهُرْمُزَانُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَدْ عَلِمْتَ كَيْفَ كُنَّا وَكُنْتُمْ ، إِذْ كُنَّا عَلَى ضَلاَلَةٍ جَمِيعًا , كَانَتِ الْقَبِيلَةُ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ تَرْى نُشَابَةَ بَعْضِ أَسَاوِرَتِنَا فَيَهْرُبُونَ الأَرْضِ الْبَعِيدَةِ ، فَلَمَّا هَدَاكُمَ اللَّهُ ، فَكَانَ مَعَكُمْ لَمْ نَسْتَطِعْ نُقَاتِلَهُ , فَرَجَعَ بِهِمْ أَنَسٌ.
فَلَمَّا أَمْسَى عُمَرُ أَرْسَلَ إلَى أَنَسٍ : أَنَ اُغْدُ عَلَيَّ بِأَسْرَاك أَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ , فَأَتَاهُ أَنَسٌ ، فَقَالَ : وَاللهِ يَا عُمَرُ مَا ذَاكَ لَكَ ، قَالَ : وَلِمَ ؟ قَالَ : إِنَّك قَدْ قُلْتَ لِلرَّجُلِ : تَكَلَّمَ فَلاَ بَأْسَ عَلَيْك ، قَالَ : لَتَأْتِينِي عَلَى هَذَا بِبُرْهَانٍ ، أَوْ لأَسُوؤُنَّكَ ، قَالَ : فَسَأَلَ أَنَسٌ الْقَوْمَ جُلَسَاءَ عُمَرَ ، فَقَالَ : أَمَا قَالَ عُمَرُ لِلرَّجُلِ تَكَلَّمَ فَلاَ بَأْسَ عَلَيْك ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : فَكَبَّرَ ذَلِكَ عَلَى عُمَرَ ، قَالَ : إِمَا لاَ فَأَخْرَجَهُمْ عَنِّي , فَسَيَّرَهُمْ إِلَى قَرْيَةٍ ، يُقَالَ لَهَا : دَهْلَكَ فِي الْبَحْرِ ، فَلَمَّا تَوَجَّهُوا بِهِمْ رَفَعَ عُمَرُ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اكْسِرْهَا بِهِمْ ثَلاَثًا , فَرَكِبُوا السَّفِينَةَ ، فَانْدَقَّتْ بِهِمْ وَانْكَسَرَتْ , وَكَانَتْ قَرِيبَةً مِنَ الأَرْضِ فَخَرَجُوا ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ : لَوْ دَعَا أَنْ يُغْرِقَهُمْ لَغَرِقُوا , وَلَكِنْ إِنَّمَا قَالَ : اكْسِرْهَا بِهِمْ ، قَالَ : فَأَقَرَّهُمْ.

الصفحة 24