كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 13)

بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه، ارجع إلى ربك فليخفِّف عنك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا موسى، قد -واللهِ- استحييت من ربي مما اختلفت إليه». قال: فاهبط بسم الله. واستيقظ وهو في المسجد الحرام (¬١). (٩/ ١٤٢ - ١٤٥)

٤٢٣٩٠ - عن شداد بن أوس، قال: قلنا: يا رسول الله، كيف أُسرِي بك؟ فقال: «صلَّيت لأصحابي العتَمَة بمكة مُعتِمًا، فأتاني جبريل بدابة بيضاء، فوق الحمار ودون البغل، فقال: اركب. فاسْتَصْعَبَتْ عَلَيَّ، فأدارها بأذنِها، ثم حملني عليها، فانطلقت تهوي بنا، يقع حافرُها حيث أدرك طَرفُها، حتى بلغنا أرضًا ذات نخل، فقال: انزل. فنزلت، فقال: صلِّ. فصليت، ثم ركبنا، فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم. قال: صليت بيثرب، صليت بطيبة. ثم انطلقَت تهوي بنا، يقع حافرُها حيث أدرَك طَرفُها، ثم بلغنا أرضًا، فقال: انزِل. فنزلت، فقال: صلِّ. فصليت، ثم ركبنا، فقال: أتدري أين صلَّيت؟ قلت: الله أعلم. قال: صلَّيت بمدين، صلَّيت عند شجرة موسى. ثم انطلقت تهوي بنا، يقع حافرها حيث أدرك طرفُها، ثم بلغنا أرضًا بدت لنا قصورها، فقال: انزل. فنزلت، ثم قال: صلِّ. فصليت، ثم ركبنا، فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم. قال: صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم. ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني، فأتى قبلة المسجد، فربَط فيه دابته، ودخلنا المسجد من باب فيه تميل الشمس والقمر، فصليت من المسجد حيث شاء الله، وأخذني مِن العطش أشدُّ ما أخذني، فأُتِيتُ بإناءين؛ في أحدِهما لبن، وفي
---------------
(¬١) أخرجه البخاري ٤/ ١٩١ (٣٥٧٠) مختصرًا، ٩/ ١٤٩ - ١٥١ (٧٥١٧)، ومسلم ١/ ١٤٨ (١٦٢)، وابن جرير ١٤/ ٤١٦ - ٤٢٠.
قال مسلم: «قدم فيه شيئًا وأخر، وزاد ونقص». وقال النووي في شرح مسلم ٢/ ٢٠٩: «وقد جاء في رواية شريك في هذا الحديث في الكتاب أوهام أنكرها عليه العلماء، وقد نبه مسلم على ذلك بقوله: فقدم وأخر وزاد ونقص منها ... قال الحافظ عبد الحق? في كتابه الجمع بين الصحيحين بعد ذكر هذه الرواية هذا الحديث بهذا اللفظ من رواية شريك بن أبي نمر عن أنس: وقد زاد فيه زيادة مجهولة، وأتى فيه بألفاظ غير معروفة، وقد روى حديث الإسراء جماعة من الحفاظ المتقنين والأئمة المشهورين، كابن شهاب، وثابت البناني، وقتادة -يعني: عن أنس-، فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك، وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث. قال: والأحاديث التي تقدمت قبل هذا هي المُعَوَّل عليها». وقال ابن كثير في تفسيره ٥/ ٧: «وهو كما قاله مسلم?، فإنّ شريك بن عبد الله بن أبي نمر اضطرب في هذا الحديث، وساء حفظه ولم يضبطه». وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ٢/ ٢٧٠: «هذا من غرائب الصحيح». وقال ابن حجر في الفتح ١٣/ ٤٨٤ - ٤٨٥: «قال -ابن حزم- لم نجد للبخاري ومسلم في كتابيهما شيئًا لا يحتمل مخرجًا إلا حديثين، ثم غلبه في تخريجه الوهم مع إتقانهما وصحة معرفتهما. فذكر هذا الحديث، وقال: فيه ألفاظ معجمة، والآفة من شريك». وقال ابن رجب في فتح الباري ٢/ ٣٢٠: «وهذه اللفظة مما تفرَّد بها شريك».

الصفحة 20