كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 13)

الصالح والنبي الصالح. فلمّا تجاوزت بكى، قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأنّ غلامًا بُعِِث بعدي يدخُلُ الجنة مِن أمته أكثرُ مما يدخُلُها من أمتي. ثم صَعِد حتى أتى السماء السابعة، فاستفتَح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: أوَقَد أُرسِل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به، ولنعم المجيء جاء. ففُتِح لنا، فلما خلَصت إذا إبراهيم، قلت: من هذا، يا جبريل؟ قال: هذا أبوك إبراهيم، فسلِّم عليه. فسلَّمت عليه، فردَّ السلام، ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح. ثم رُفِعْتُ إلى سدرة المنتهى، فإذا نَبقُها مثلُ قِلالِ هَجَر، وإذا ورقُها مثل آذان الفيلة، وإذا أربعة أنهار يخرُجن من أصلها؛ نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: يا جبريل، ما هذه الأنهار؟ فقال: أمّا الباطنان؛ فنهران في الجنة، وأَمّا الظاهران؛ فالنيل والفرات. ثم رُفِع لي البيت المعمور، قلت: يا جبريل، ما هذا؟ قال: هذا البيت المعمور، يدخُلُه كل يوم سبعون ألف مَلَك، إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخر ما عليهم. ثم أُتيتُ بإناءين؛ أحدُهما خمر، والآخر لبن، فعُرِضا عليَّ، فقيل: خُذ أيَّهما شئت. فأخَذتُ اللبن، فقيل لي: أصَبْتَ الفِطرة، أنت عليها وأمتك. ثم فُرِضت عليَّ الصلاة؛ خمسون صلاة كل يوم، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى، فقال: ما فرض ربُّك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة كل يوم. قال: إنّ أُمَّتك لا تستطيع ذلك، وإني قد خبَرتُ الناس قبلك، وعالجتُ بني إسرائيل أشدَّ المعالجة، فارجِع إلى ربِّك فاسأله التخفيف لأمَّتِك. فرجَعت إلى ربي، فحَطَّ عني خمسًا، فأقبلت حتى أتيت على موسى، فأنبأته بما حطَّ عني، فقال: ارجِع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك؛ فإن أمتك لا يطيقون ذلك. قال: فما زلت بين موسى وبين ربي يحُطُّ عني خمسًا خمسًا، حتى أقبَلتُ بخمس صلوات، فأتيت على موسى، فقال: بم أُمِرت؟ قلت: بخمس صلوات كل يوم. قال: إنّ أمتك لا يطيقون ذلك، إني بلَوت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشدَّ المعالجة، ارجِع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك. فقلت: لقد رجَعت إلى ربي حتى لقد استحيت، ولكني أرضى وأُسلِّم. فنوديت: أن يا محمد، إني قد أمضَيت فريضتي، وخفَّفتُ عن عبادي، الحسنة بعشر أمثالها» (¬١). (٩/ ١٥٧ - ١٦١)

٤٢٣٩٢ - عن أم هانئ -من طريق يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن أبي صالح-
---------------
(¬١) أخرجه البخاري ٤/ ١٠٩ - ١١١ (٣٢٠٧)، ٤/ ١٥٢ (٣٣٩٣) مختصرًا، ٥/ ٥٢ - ٥٤ (٣٨٨٧)، ٤/ ١٦٣ (٣٤٣٠) مختصرًا، ومسلم ١/ ١٤٩، ١٥١ (١٦٤)، ويحيى بن سلام في تفسيره ١/ ١٠١ - ١٠٥، وابن جرير ١٤/ ٤١٤ - ٤١٥.

الصفحة 23