كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 13)

وأعُدُّها بابًا بابًا، وأُعلِمُهم، وأخبرتُهم عن عيرات لهم في الطريق، وعلامات فيها، فوجَدوا ذلك كما أخبرتهم». وأنزل الله: {وما جعلنا الرءيا التي أريناك إلا فتنة للناس}. قال: كانت رؤيا عين، رآها بعينه (¬١). (٩/ ١٩٣ - ١٩٥)

٤٢٣٩٤ - عن أنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَرَرتُ ليلة أُسرِي بي على موسى - عليه السلام - قائمًا يُصَلِّي في قبره عند الكَثِيب الأحمر» (¬٢). (٩/ ١٩٦)

٤٢٣٩٥ - عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد رأيتُني في الحِجرِ وقريشٌ تسألُني عن مَسرايَ، فسألوني عن أشياء مِن بيت المقدس لم أُثبِتها، فكُرِبتُ كَرْبًا ما كُرِبتُ مثلَه قَطُّ، فرفَعه الله لي أنظُرُ إليه، ما سألوني عن شيء إلا أنبأتُهم به، وقد رأيتُني في جماعة من الأنبياء، وإذا موسى - عليه السلام - قائمٌ، وإذا رجلٌ ضَربٌ جَعدٌ كأنه مِن رجال شنوءة، وإذا عيسى قائمٌ يُصَلِّي، أقربُ الناسِ به شَبَهًا عروة بن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم قائمٌ يُصَلِّي، أشبَهُ الناس به صاحِبُكم -يعني: نفسه- فحانَت الصلاة، فأمَمتُهم، فلما فَرَغتُ قال قائل: يا محمد، هذا مالِكٌ صاحب النار. فالتَفَتُّ إليه، فبَدَأَني بالسلام» (¬٣). (٩/ ٢٠٢)

٤٢٣٩٦ - عن عبد الله بن عباس -من طريق قتادة، عن أبي العالية- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رأيت ليلة أُسرِي بي موسى بن عمران، رجلًا طُوالًا جَعْدًا، كأنه مِن رجال شَنُوءة، ورأيت عيسى ابن مريم مربوعَ الخَلقِ، إلى الحمرةِ والبياضِ، سَبِطَ الرأس، ورأيت مالِكًا خازن جهنم، والدجال». في آياتٍ أراهُنَّ الله. قال: {فلا تكن في مِرية من لقائه} [السجدة: ٧٣]. فكان قتادة يُفَسِّرُها: أنّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قد لَقِي موسى [٣٧٩٠] (¬٤). (٩/ ٢٠٥)
---------------
[٣٧٩٠] قال ابنُ كثير (٨/ ٤٣٠): «وإذا حصل الوقوف على مجموع هذه الأحاديث صحيحها وحسنها وضعيفها يحصل مضمون ما اتَّفقت عليه مِن مسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن مكة إلى بيت المقدس، وأنّه مرة واحدة، وإن اختلفت عبارات الرواة في أدائه، أو زاد بعضهم فيه أو نقص منه؛ فإنّ الخطأ جائز على مَن عدا الأنبياء?، ومَن جعل من الناس كل رواية خالفت الأخرى مرة على حدة، فأثبت إسراءات متعددة فقد أبعد وأغرب، وهرب إلى غير مهرب، ولم يتحصل على مطلب. وقد صرح بعضهم من المتأخرين بأنه - عليه السلام - أسري به مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط، ومرة من مكة إلى السماء فقط، ومرة إلى بيت المقدس ومنه إلى السماء، وفرح بهذا المسلك، وأنّه قد ظفر بشيء يخلص به من الإشكالات، وهذا بعيد جدًّا، ولم ينقل هذا عن أحد من السلف، ولو تعدد هذا التعدد لأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - به أمته، ولنقله الناس على التعدد والتكرر».
_________
(¬١) أخرجه الواقدي -كما في الخصائص الكبرى ١/ ٢٩٥ - ٢٩٦ - ، ومن طريقه ابن سعد في الطبقات ١/ ١٦٦ - ١٦٧.
إسناده ضعيف جدًّا؛ فيه محمد بن عمر الواقدي، قال عنه ابن حجر في التقريب (٦١٧٥): «متروك».
(¬٢) أخرجه مسلم ٤/ ١٨٤٥ (٢٣٧٥).
(¬٣) أخرجه مسلم ١/ ١٥٦ (١٧٢).
(¬٤) عزاه السيوطي إلى أبي بكر الواسطي في كتاب فضائل بيت المقدس.
([٨٢]) أخرجه مسلم ١/ ١٥١ (١٦٥) بلفظه، وأخرجه البخاري ٤/ ١١٦ (٣٢٣٩)، وابن جرير ١٨/ ٦٣٦ دون تفسير قتادة. هذا وقد أورد السيوطي في الدر المنثور ٩/ ١٤٦ - ٢٤٦ آثارًا كثيرة عن الإسراء والمعراج وما كان فيهما، كذلك عن بيت المقدس وبنائه ونحو ذلك. قال الشوكاني في تفسيره ٣/ ٢٤٨: «واعلم أنه قد أطال كثير من المفسرين كابن كثير والسيوطي وغيرهما في هذا الموضع بذكر الأحاديث الواردة في الإسراء على اختلاف ألفاظها، وليس في ذلك كثير فائدة، فهي معروفة في موضعها من كتب الحديث، وهكذا أطالوا بذكر فضائل المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهو مبحث آخر، والمقصود في كتب التفسير ما يتعلق بتفسير ألفاظ الكتاب العزيز، وذكر أسباب النزول، وبيان ما يؤخذ منه من المسائل الشرعية، وما عدا ذلك فهو فضلة لا تدعو إليه حاجة».

الصفحة 27