كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 13)

هذا. فقالت: ما أسألك إلا هذا. قال: فلما أبت عليه دعا يحيى، ودعا بطست، فذبحه، فبدرت قطرة مِن دمه على الأرض، فلم تزل تغلي حتى بعث الله بختنصر عليهم، فجاءته عجوز من بني إسرائيل، فدلته على ذلك الدم. قال: فألقى الله في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يَسْكُن، فقتل سبعين ألفًا منهم من سِنٍّ واحد، فسكن (¬١). (ز)

٤٢٥٠٤ - عن عبد الله بن الزبير -من طريق عمر بن عبد الله بن عروة- أنّه قال وهو يُحَدِّث عن قتل يحيى بن زكريا: ما قُتل يحيى بن زكريا إلا بامرأة تبغي من بغايا بني إسرائيل؛ كان فيهم ملك، وكان يحيى بن زكريا تحت يدي ذلك الملك، فهمَّت ابنةُ ذلك الملك بأبيها، فقالت: لو أنِّي تزوجت بأبي فاجتمع لي سلطانه دون النساء! فقالت له: يا أبتِ، تزوجني. ودعته إلى نفسها، فقال لها: يا بنية، إن يحيى بن زكريا لا يُحِلُّ لنا هذا. فقالت: مَن لي بيحيى بن زكريا! ضَيَّق عليَّ، وحال بيني وبين أن أتزوج بأبي، فأغلب على ملكه ودنياه دون النساء. قال: فأمرت اللعابين ومحلت بذلك لأجل قتل يحيى بن زكريا، فقالت: ادخلوا عليه فألعبوا، حتى إذا فرغتم فإنّه سيحكمكم، فقولوا: دم يحيى بن زكريا. ولا تقبلوا غيره. وكان اسم الملك: رواد، واسم ابنته: البغي، وكان الملك فيهم إذا حدث فكذب، أو وعد فأخلف؛ خُلِع فاستبدل به غيره، فلما ألعبوه وكثر عجبه منهم قال: سلوني أعطِكم. قالوا: دم يحيى بن زكريا أعطِناه. قال: ويحكم، سلوني غير هذا. فقالوا: لا نسألك غيره. فخاف على ملكه إن هو أخلفهم أن يستحل بذلك خلعه، فبعث إلى يحيى بن زكريا وهو جالس في محرابه يصلي، فذبحوه في طست، ثم حزوا رأسه، فاحتمله رجل في يده والدم يحمل في الطست معه، قال: فطلع برأسه يحمله حتى وقف به على الملك، ورأسه يقول في يدي الذي يحمله: لا يحل لك. فقال رجل من بني إسرائيل: أيها الملك، لو أنك وهبت لي هذا الدم. فقال: وما تصنع به؟ قال: أطهر منه الأرض، فإنه كان قد ضيقها علينا. فقال: أعطوه إياه، فأخذه فجعله في قلة، ثم عمد به إلى بيت في المذبح، فوضع القلة فيه، ثم أغلق عليه، ففار في القلة حتى خرج منها مِن تحت الباب مِن البيت الذي هو فيه، فلما رأى الرجل ذلك فَظِع (¬٢) به، فأخرجه، فجعله في فلاة من الأرض، فجعل يفور، وعظمت فيهم
---------------
(¬١) أخرجه ابن جرير ١٤/ ٥٠٣.
(¬٢) فَظِعْت بالأمر: إذا هالَك وغلَبك فلم تَثِق بأَن تُطيقه. لسان العرب (فظع).

الصفحة 54