كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

تُشبِه كلُّها الأنبِياءَ، كما جاءَ، عن موسى عليه السَّلامُ، أَنَّهُ قال: "أجِدُ أُمَّةً (¬١) كلَّهُم كالأنبِياءِ، فاجعَلْها أُمَّتِي، قال: تلكَ أُمَّةُ أحمد". في حدِيثٍ فيه طُولٌ (¬٢).
وحدَّثنا خلفُ بن قاسم، قال: حدَّثنا محمدُ بن القاسم بن شعبانَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن العبّاسِ بن أسلمَ، قال: حدَّثنا ابن أبي ناجِيةَ، قال: حدَّثني زِيادُ بن يُونُس، عن مَسْلمةَ بن عليٍّ، عن إسماعيلَ بن (¬٣) رافع، عن سالم بن عبدِ اللَّه بن عُمرَ، سمِعهُ يُحدِّثُ عن كعبٍ، أنَّهُ سمِع رجُلًا يُحدِّثُ: أنَّهُ رأى في المنام أنَّ النّاس جُمِعُوا للحِسابِ، ثُمَّ دُعِي الأنبِياءُ، مع كلِّ نبِيِّ أُمَّتُهُ، وأنَّهُ رأى لكلِّ نبِيٍّ نُورَينِ يَمْشِي بينهُما، ولمنِ اتَّبعهُ من أُمَّتِهِ نُورًا واحِدًا يَمْشِي به، حتّى دُعِي محمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا شعرُ رأسِهِ ووجهُهُ نُورٌ كلُّهُ، يراهُ كلُّ من نظرَ إليه، وإذا لمنِ اتَّبعهُ من أمَّتِهِ نُورانِ كنُورِ الأنبِياءِ. فقال كعبٌ، وهُو لا يشعُرُ أنَّها رُؤيا: من خَبَّرَك بهذا الحديثِ، وما عِلمُكَ (¬٤) به؟ فأخبرهُ أنَّها رُؤيا، فناشَدهُ كعبٌ: اللَّه (¬٥) الذي لا إله إلّا هُو، لقد رأيتَ ما تقُولُ في منامكَ (¬٦)؟ فقال: نعم واللَّه لقد رأيتُ ذلك. فقال كعبٌ: والذي نفسِي بيدِهِ، أو قال: والذي بعثَ محمدًا بالحقِّ، إنَّ هذه لصِفةُ أحمد، وأُمَّتِهِ، وصِفةُ الأنبِياءِ في كِتابِ اللَّه، لكأنَّما قَرأتهُ من التَّوراةِ (¬٧).
وقد قيلَ: إنَّ سائر الأُمم كانوا يَتَوضَّؤُون، واللَّه أعلمُ، وهذا لا أعرِفُهُ من وجهٍ صحِيح.
---------------
(¬١) في م: "أمته".
(¬٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٦١/ ١١٩، من حديث أبي هريرة مطولًا.
(¬٣) في د ٢، م: "عن". وهو إسماعيل بن رافع بن عويمر، أبو رافع الأنصاري. انظر: تهذيب الكمال ٣/ ٨٥.
(¬٤) في م: "أعلمك".
(¬٥) في م: "باللَّه".
(¬٦) في م: "في منامنا".
(¬٧) ذكره القرطبي في تفسيره ٦/ ١٠٧، عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر، به.

الصفحة 102