كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

قال ابن المُباركِ: وأخبَرنا يحيى بن أيُّوبَ البَجِليُّ، قال: سمِعتُ رجُلًا يُحدِّثُ عن أبي زُرعةَ بن عَمرِو بن جرِيرٍ، سمِعَ أبا هريرةَ يقولُ: الحِلْيةُ تبلُغُ حيثُ انْتَهى الوُضُوءُ (¬١).
حدَّثنا إبراهيمُ بن شاكِرٍ رحِمهُ اللَّه، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بن محمد بن عُثمانَ، قال: حدَّثنا سعِيدُ بن عُثمان الأعناقِيُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عبدِ اللَّه بن صالح، قال: حدَّثنا يزِيدُ بن هارونَ، عن حمّادِ بن سَلَمةَ، عن عاصِم، عن زِرٍّ، عن عبدِ اللَّه، أنَّهُم قالوا: يا رسُولَ اللَّه، كيفَ تَعرِفُ من لم تَرَ من أُمَّتِكَ؟ قال: "غُرٌّ مُحجَّلُونَ بُلقٌ، من آثارِ الوُضُوءِ" (¬٢).
فهذه الآثارُ كلُّها تَشْهدُ لما قُلنا، وباللَّه توفِيقُنا.
وأمّا قولُهُ في حدِيثنا في هذا البابِ: "فسُحقًا" فمعناهُ: فبُعْدًا. والسُّحقُ والبُعدُ، والإسحاقُ والإبعادُ سواءٌ بمعنًى واحِدٍ، وكذلك النَّأيُ والبُعدُ، لَفْظتانِ بمعنًى واحِدٍ، إلّا أنَّ سُحقًا وبُعدًا هكذا إنَّما تجِيءُ بمعنى الدُّعاءِ على الإنسانِ، كما يقول (¬٣): أبعدَهُ اللَّه، وقاتَلهُ اللَّه، وسَحَقهُ اللَّه، ومحَقهُ، وأسْحَقهُ أيضًا، ومن هذا قولُ اللَّه عزَّ وجلَّ: {فِى مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: ٣١] يعني بعِيدٍ.
---------------
(¬١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٦١٢) من طريق يحيى بن أيوب، عن أبي زرعة، به مرفوعًا. دون ذكر الرجل المبهم في الإسناد.
(¬٢) أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده (٢٨٢)، وفي المصنَّف (٤٥)، وأحمد في مسنده ٧/ ٣٤٠ (٤٣١٧)، وأبو يعلى (٥٣٠٠) من طريق يزيد بن هارون، به. وأخرجه الطيالسي (٣٥٩)، وأحمد أيضًا ٦/ ٣٧١، و ٧/ ٣٥٠ (٣٨٢٥، ٤٣٢٩)، وابن ماجة (٢٨٤)، وأبو يعلى (٥٠٤٨)، وابن حبان ٣/ ٣٢٣، و ١٦/ ٢٢٦ (١٠٤٧، ٧٢٤٢) من طريق حماد بن سلمة، به. وإسناده حسن من أجل عاصم، وهو ابن أبي النجود. وانظر: المسند الجامع ١١/ ٥٠٣ (٨٩٩٣).
(¬٣) في د ٢: "تقول"، وفي م: "يقال".

الصفحة 107