كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

وكلُّ من أحدَثَ في الدِّينِ ما لا يرضاهُ اللَّه، ولم يأذن به اللَّه، فهُو من المطرُودِينَ عن الحوضِ، المُبعدِين عنهُ، واللَّهُ أعلمُ.
وأشدُّهُم طردًا، من خالَفَ جماعةَ المُسلِمِينَ، وفارَقَ سبِيلهُم (¬١)، مِثلَ الخَوارِج، على اختِلافِ فِرَقِها، والرَّوافِضِ على تبايُنِ ضلالِها، والمُعتزِلةِ على أصنافِ أهوائها، فهؤُلاءِ كلُّهُم مُبدِّلُون (¬٢)، وكذلك الظَّلَمةُ المُسرِفُونَ في الجَوْرِ والظُّلم، وتَطمِيسِ الحقِّ، وقَتلِ أهلِهِ، وإذلالِهِم (¬٣)، والمُعلِنُونَ بالكبائرِ، المُستخِفُّونَ بالمعاصِي، وجميعُ (¬٤) أهلِ الزَّيغ والأهواءِ والبِدَع، كلُّ هؤُلاءِ يُخافُ عليهم أن يكونُوا عُنُوا بهذا الخبرِ.
ولا يُخلَّدُ في النّارِ إلّا كافِرٌ جاحِدٌ، ليس في قلبِهِ مِثقالُ حبَّةِ خَرْدلٍ من إيمانٍ، واللَّه المُسْتَعان (¬٥).
وقد قال ابن القاسم رحِمهُ اللَّه: قد يكونُ من غَيرِ أهلِ الأهواءِ، من هُو شرٌّ من أهلِ الأهواءِ، وكان يُقالُ (¬٦): تمامُ الإخلاصِ تجنُّبُ المعاصِي (¬٧).
---------------
(¬١) في ت: "سنتهم".
(¬٢) في ت، م: "يبدلون".
(¬٣) في ت: "وأولادهم".
(¬٤) في ت: "وكذلك".
(¬٥) قوله: "واللَّه المستعان" لم يرد في الأصل، م، وهو ثابت في د ٢. وزاد بعده في ت: "وحده لا شريك له".
(¬٦) في د ٢: "يقول".
(¬٧) جاء في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة والحمد للَّه حق حمده".

الصفحة 108