كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

حدِيثٌ تاسِعٌ للعلاءِ بن عبدِ الرَّحمنِ
مالكٌ (¬١)، عن العلاءِ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن مَعبدِ بن كعبِ بن مالكٍ، عن أخِيهِ، عن عبدِ اللَّه بن كعبٍ، عن أبي أُمامةَ، أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "منِ اقْتَطعَ حقَّ امرِئٍ مُسلِم بيمِينِهِ، حرَّمَ اللَّه عليه الجنَّةَ، وأوجَبَ لهُ النّار". قالوا: وإن كان شيئًا يسِيرًا يا رسُولَ اللَّه؟ قال: "وإن كانَ قَضِيبًا من أراكٍ". قال ذلك ثلاث مرّاتٍ.
قال أبو عُمر: قد ذكَرْنا بني كعبِ بن مالكٍ في بابِ ابن شِهابٍ.
وأبو أُمامةَ هذا، ليس هُو أبا (¬٢) أُمامةَ الباهِلِيَّ، إنَّما هُو أبو أُمامةَ الحارِثِيُّ الأنصارِيُّ، أحدُ بني حارِثةَ. قيلَ: اسمُهُ إياسُ بن ثعلبةَ. وقيل: ثعلبةُ بن سُهيل (¬٣). وقد ذكَرْناهُ في كِتابِ "الصَّحابةِ" (¬٤) بما يُغني عن ذِكرِهِ هاهُنا.
وفي هذا الحدِيثِ دليلٌ على أنَّ اليمِينَ الغَمُوس، وهي يمِينُ الصَّبرِ، التي يُقتَطعُ بها مالُ المُسلِم من الكَبائرِ، لأنَّ كلَّ ما أوعَدَ اللَّه عليه بالنّارِ أو رَسُولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهُو من الكَبائرِ.
وفي معنى هذا الحدِيثِ نزلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: ٧٧].
ورُوِي عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في تأوِيلِ هذه الآيةِ حدِيثُ ابن مسعُودٍ، رواهُ
---------------
(¬١) الموطأ ٢/ ٢٧٠ (٢١٢٩).
(¬٢) في الأصل، ت: "أبو".
(¬٣) في ت: "سهل". انظر: الاستيعاب.
(¬٤) الاستيعاب ١/ ١٦٠١.

الصفحة 109