كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

"ما كُنتُم تَذكُرُونَ؟ " قالوا: يا نبِيَّ اللَّه، كُنّا نَذكُرُ الرَّجُل يحلِفُ على مالِ الآخرِ، فيَقتطِعُهُ بيمِينِهِ كاذِبًا. فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عِند ذلك: "أيُّما رجُلٍ حلَفَ كاذِبًا" يعني على مالٍ (¬١) "فاقتطعهُ بيمِينِهِ، فقد برِئَت منهُ الجنَّةُ، ووجبت لهُ النّارُ" (¬٢).
قال: وحدَّثنا عليٌّ، قال: حدَّثنا يزِيدُ بن هارونَ، قال: أخبَرنا محمدُ بن إسحاقَ، عن مَعبدِ بن كعبِ بن مالكٍ، عن أخِيهِ، عن أبي أُمامةَ، أحدِ بني حارِثةَ قال: سمِعتُ رسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ: "لا يَقْتطِعُ رجُلٌ مالَ أخِيهِ المُسلِم بيمِينِهِ، إلّا حرَّمَ اللَّه عليه الجنَّةَ، وأوجَبَ لهُ النّار". فقال رجُلٌ: يا رسُولَ اللَّه، وإن كانَ شيئًا يَسِيرًا؟ فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإن كان سِواكًا من أراكٍ" (¬٣).
ورواهُ ابن عُيينةَ، عن محمدِ بن إسحاقَ (¬٤)، فخلط في إسنادِهِ.
وأمّا قولُ الولِيدِ بن كثِيرٍ فيه: محمدُ بن كعبٍ، فأخطأَ، وإنَّما هُو مَعْبدُ بن كعبٍ.
فهذه الآثارُ كلُّها تدُلُّ على أنَّ هذه (¬٥) اليَمِين من الكبائرِ.
وقد رُوِي عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك أيضًا (¬٦) على ما قدَّمنا ذِكرهُ في بابِ زيدِ بن أسلمَ من هذا الكِتابِ.
---------------
(¬١) قوله: "يعني على مال" لم يرد في د ٢.
(¬٢) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ١/ ٣٨٩ - ٣٩٠، و ١٥/ ١٧١ (٤٤٤، ٤٤٥، ٥٩٢٨) من طريق عمر بن يونس، به.
(¬٣) أخرجه أحمد في مسنده ٣٦/ ٥٨٠ (٢٢٢٤٠)، وأحمد بن منيع في مسنده، كما في إتحاف الخيرة (٦٦٢٨) من طريق يزيد بن هارون، به.
(¬٤) أخرجه الشافعي في معرفة السنن والآثار (٥٩٣٧)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ١/ ٣٢٩ (٤٤٩) من طريق ابن عيينة، به.
(¬٥) في د ٢: "هذا".
(¬٦) في م: "نصًا".

الصفحة 114