كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

بأيدينا سَعَةٌ فنُعطيَك ونُمسِكَ، ولا يُصلِحُنا إلا أن نكونَ جميعًا، ونَخْشى عليك الوَحْشة، فسَلي النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأتت النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقصَّت عليه ما قال إخوتُها والوحشةَ، واستَأْذَنته في أن تَعتَدَّ عندَهم، فقال: "افْعَلي إنْ شِئْتِ". قالت: فأدْبَرتُ حتى إذا كنتُ في الحُجْرة قال: "تعالَيْ، عُودي لما قلتِ". فعادَت، فقال: "امْكُثي في بيتِك حتّى يبلغَ الكتابُ أجلَه". ثم إن عثمانَ بعثَت إليه امرأةٌ من قومِه تسألُه أن تنتقلَ من بيتِ زوجِها، فتعتَدَّ في غيرِه، فقال: افعَلي. ثم قال لمَن حولَه: هل مضَى من النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أو من (¬١) صاحبيَّ في مثل هذا شيء؟ فقالوا: إن فُرَيعةُ تُحدِّثُ عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فأرسلَ إليها، فأخبرَتْه فانتهى إلى قولها، وأمَر المرأةَ ألّا تخرُجَ من بيتِها.
قال ابنُ جُرَيج: وأُخبِرتُ أن هذه المرأةَ التي أرسلَت إلى عثمانَ أمُّ أيوبَ بنتُ مَيْمون بنِ عامرٍ الحَضْرميِّ، وأن زوجَها عمرانُ بنُ طلحةَ بنِ عُبيد اللَّه.
هكذا قال عبدُ اللَّه بنُ أبي بكر: سعدَ بنَ إسحاق. وكذلك قال يحيى القطّان.
حدَّثنا عبدُ الرحمن بن يحيى، قال: حدَّثنا أبو محمدٍ عبدُ اللَّه بنُ محمدِ بنِ يوسفَ. وحدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيانَ وسعيدُ بنُ نصر، قالا: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ مسعود، قال: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ (¬٢) القطّان، قال: حدَّثني سعدُ بنُ اسحاق، قال: حدَّثتْني زينبُ بنتُ كعب، عن فُرَيعةَ بنتِ مالك، قالت: خرَج زوجي في طلب أعْلاج، فأدْرَكهم بطرَفِ القَدُوم فقتَلوه، فأتَى نَعْيُه، وإنا في دارٍ شاسعةٍ من دُورِ أهلي، فأتيْتُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلتُ له: إني أتاني نعيُ زوجي، وأنا في دارٍ شاسعةٍ من دُورِ أهلي، ولم يَدَعْ لي نفقةً ولا مالًا ورِثْتُه، وليس المسكنُ لي، فلو تحوَّلْتُ إلى إخوتي وأهلي كان أرْفَقَ بي
---------------
(¬١) في د ٣: "ومن".
(¬٢) قوله: "بن سعيد" لم يرد في د ٣.

الصفحة 157