كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

قال ابن خُوَيْزمَنْداد المالكِيُّ البَصْرِيُّ: وهي عِندَنا مُتعيِّنةٌ في كلِّ ركعةٍ. قال: ولم يختلِف قولُ مالكٍ أنّه مَن نَسِيها في ركعةٍ من صلاةِ رَكْعتينِ، أنَّ صلاتهُ تفسُدُ (¬١) وتبطُلُ أصلًا، ولا تُجزِئُهُ. واختلف قولُه: فيمن تَرَكها ناسيًا في ركعةٍ من صَلاةٍ رُباعِيَّةٍ، أو ثُلاثِيَّةٍ، فقال مرَّةً: يُعِيدُ الصَّلاةَ، ولا تُجزِئُهُ. وهُو قولُ ابن القاسم ورِوايتُهُ واختِيارُهُ من قولِ مالكٍ. وقال مالكٌ مرَّةً أُخرى: يَسْجُدُ سَجْدتيِ السَّهوِ، وتُجزِئُهُ (¬٢). وهي رِوايةُ ابن عبدِ الحكم وغيرِهِ عنهُ. قال: وقد قيل: إنَّهُ يُعِيدُ تلكَ الرَّكعةَ، ويسجُدُ للسَّهوِ بعد السَّلام. قال: وقال الشّافِعيُّ وأحمدُ بن حنبلٍ: لا تُجزِئُهُ حتّى يقرأ بفاتحةِ الكِتابِ في كلِّ ركعةٍ. نحو قولِنا. قال: وقال أبو حنِيفةَ والثَّورِيُّ والأوزاعِيُّ: إن تَرَكها عامِدًا في صلاتِهِ كلِّها، وقرأ غيرها أجزأ، على اختِلافٍ عن الأوزاعِيِّ في ذلك.
وقال الطَّبرِيُّ: يقرأُ المُصلِّي بأُمِّ القُرآنِ في كلِّ ركعةٍ، فإن لم يَقْرأ بها، لم يُجزِهِ إلّا مِثلُها من القُرآنِ عَدَدُ آياتِها وحُرُوفِها.
وقال أبو حنِيفةَ: لا بُدَّ في الأُولَيَينِ من قِراءةٍ، أقلُّ ذلك في كلِّ رَكْعةٍ منها آيةٌ.
وقال أبو يُوسُف ومحمدٌ: أقلُّهُ ثلاثُ آياتٍ، أو آيةٌ طوِيلةٌ كآيةِ الدَّينِ (¬٣).
وقال مالكٌ (¬٤): إذا لم يقرأ أُمَّ القُرآنِ في الأُوليينِ أعادَ. ولم يختلِف قولُهُ في ذلك ولا في قِراءَتِها في الآخِرتينِ.
وقال الشّافِعيُّ (¬٥): أقلُّ ما يُجزِئُ المُصلِّي من القِراءةِ، قِراءةُ فاتحةِ الكِتابِ،
---------------
(¬١) هذه اللفظة سقطت من الأصل، م، وهي ثابتة في بقية النسخ.
(¬٢) انظر: المدونة ١/ ١٦٤.
(¬٣) انظر: المبسوط للسرخسي ١/ ١٨ - ١٩، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢١٦.
(¬٤) انظر: المدونة ١/ ١٦٤.
(¬٥) انظر: الأم ١/ ١٢٩.

الصفحة 18