كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

إن أحسنها، فإن كان لا يُحسِنُها ويُحسِنُ غيرها من القُرآنِ، قرأ بعدَدِها سبع آياتٍ، لا يُجزِئُهُ دُون ذلك، وإن لم يُحسِن شيئًا من القُرآنِ، حمِدَ اللَّه وكبَّر مكان القِراءةِ، لا يُجزِئُهُ غيرُهُ. قال: ومَن أحسَنَ فاتحةَ الكِتابِ، فإن تركَ منها حرفًا واحِدًا، وخرجَ من الصَّلاةِ، أعاد الصَّلاةَ.
ورُوِي عن عُمر بن الخطّابِ، وعبدِ اللَّه بن عبّاسٍ، وأبي هريرةَ، وعُثمان بن أبي العاصِ، وخوّاتِ بن جُبيرٍ، وأبي سعِيدٍ الخُدرِيِّ، أنَّهُم قالوا: لا صلاةَ إلّا بفاتحةِ الكِتابِ (¬١). وهُو قولُ ابن عونٍ، والمشهُورُ من مَذهبِ الأوزاعِيِّ.
وأمّا ما رُوِي عن عُمرَ: أنَّهُ صلَّى صلاةً لم يَقْرأ فيها، فقيل لهُ، فقال: كيفَ كان الرُّكُوعُ والسُّجُودُ؟ قالوا: حَسَن. فقال: لا بأس إذَنْ. فحدِيثٌ مُنكرُ اللَّفظِ، مُنقطِعُ الإسنادِ؛ لأنَّهُ يَروِيهِ محمدُ بن إبراهيم بن الحارِثِ التَّيمِيُّ، عن عُمر. ومرَّةً يَروِيهِ محمدُ بن إبراهيم، عن أبي سلمةَ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن عُمر (¬٢).
وكِلاهُما مُنقطِعٌ لا حُجَّةَ فيه عِندَ أحدٍ من أهلِ العِلم بالنَّقلِ.
وقد رُوِي عن عُمرَ من وُجُوهٍ مُتَّصِلةٍ: أَنَّهُ أعادَ تلكَ الصَّلاةَ. رَوَى يحيى بن يحيى النَّيسابُورِيُّ قال: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ النَّخعِيِّ، عن همّام بن الحارِثِ: أنَّ عُمرَ نَسِي القِراءةَ في المغرِبِ، فأعادَ بهمُ الصَّلاةَ (¬٣).
---------------
(¬١) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٢٦٢٤، ٢٧٧٣، ٢٧٧٦، ٢٧٧٧)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (٣٦٤٣ - ٣٦٤٤)، والبخاري في جزء القراءة خلف الإمام (٥١، ٨٦، ١٠٦، ١٠٧، ١٣١، ١٣٣)، وابن المنذر في الأوسط (١٣٠١ - ١٣٠٧، ١٣٢٢، ١٣٢٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢١٨ - ٢١٩، والدارقطني في سننه ٢/ ٩٥ (١٢١٠، ١٢١١)، والبيهقي في جزء القراءة خلف الإمام (١٩١، ١٩٣، ٢٣٩). وروي عن جابر بن عبد اللَّه، وعمران بن حصين، وغيرهما كما في مصنَّف ابن أبي شيبة (٣٦٤١) و (٣٦٤٢).
(¬٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٧٤٨)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٤٠٢٨) من طريق محمد بن إبراهيم، به.
(¬٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٤٥٣٤) عن أبي معاوية، به.

الصفحة 19