كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

أنَّ عبدَ المطلب ختَن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ سابعه، وجعَل له مأدبةً، وسماه محمدًا. قال يحيى بنُ أيوب: طلَبْتُ هذا الحديث، فلم أجِدْه عندَ أحدٍ من أهل الحديث ممّن لقيتُه إلا عندَ ابن أبي السَّريّ (¬١).
وكرِه جماعة من العلماء الخِتانَ يومَ السابع، فرُوِيَ عن الحسن أنه قال: أكرَهُه خلافًا على اليهود (¬٢).
وقال ابنُ وَهْب: قلت لمالك: أتَرى أن يُختَنَ الصبيُّ يومَ السابع؟ فقال: لا أرى ذلك، إنما ذلك من عمل اليهود، ولم يكن هذا من عمل الناس إلا حديثًا. قلت لمالك: فما حدُّ ختانِه؟ قال: إذا أُدِّب على الصلاة. قلت له: عشرُ سنين أو أدنى من ذلك؟ قال: نعم. وقال: الختانُ من الفطرة (¬٣).
وقال ابنُ القاسم: قال مالك: من الفطرة ختانُ الرجالِ والنساء. قال مالك: وأُحبُّ للنساء من قصِّ الأظْفار وحلقِ العانةِ مثلَ ما هو على الرجال. ذكره الحارثُ بنُ مسكين، وسُحنونٌ، عن ابن القاسم.
وقال سفيانُ بنُ عُيَينة: قال لي سفيانُ الثوريُّ: أتَحفَظُ في الختان وقتًا؟ قلت: لا. قلت: وأنت لا تَحفظُ فيه وقتًا؟ قال: لا.
واستحبَّ جماعة من العلماء في الرجل الكبير يسلم: أن يَختَتِن، ذكر يونسُ عن ابن شهاب، قال: كان الرَّجل إذا أسلمَ أُمِرَ بالخِتان، وإن كان كبيرًا (¬٤).
---------------
(¬١) وأخرجه أيضًا في الاستيعاب ١/ ٥١، وإليه عزاه ابن حبّان في الثقات ١/ ٤٢، وابن القيِّم في تحفة المودود، ص ٢٠٧. ورجال إسناده ثقات، ولكن الوليد بن سلم: وهو القرشي، أبو العباس الدمشقي كثير التدليس والتسوية كما ذكر الحافظ ابن حجر في التقريب (٧٤٥٦)، وهو هنا لم يصرِّح بالتحديث.
(¬٢) ينظر هذا الأثر في مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح ٢/ ٢٠٦ (٧٧٨).
(¬٣) تنظر: المقدمات الممهدات لابن رشد ٣/ ٤٤٨، والذخيرة للقرافي ١٣/ ٢٧٨.
(¬٤) ذكره الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ٤/ ٨٢ بلفظ: "من أسلم فليختتن وإن كان كبيرًا" وعزاه لإسماعيل بن حرب.

الصفحة 197