كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

عن يوسفَ بن صُهَيب، عن حبيبِ بنِ يَسار، عن زيدِ بن أرقم، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ لم يأخُذْ مِن شاربِه فليس منّا" (¬١).
وروى الحسنُ بنُ صالح، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقُصُّ شاربَه (¬٢)، ويذكُرُ أنَّ إبراهيمَ كان يَقُصُّ شاربَه (¬٣).
وروَته طائفة، منهم زائدة، عن سِمَاك، عن عِكْرمة، عن ابن عباس موقوفًا.
وأما اختلافُ الفقهاء في قصِّ الشارب وحَلْقه؛ فقال مالك في "الموطأ" (¬٤): يؤخَذُ من الشارب حتى يبدُو طَرفُ الشِّفَة، وهو الإطار، ولا يَجُزُّه فيمثِّلَ بنفسه.
وذكر ابنُ عبد الحكم عنه، قال: وتُحْفَى الشَّواربُ وتُعْفَى اللِّحى، وليس إحفاءُ الشارب حلقَه، وأرى أن يُؤدَّبَ مَن حلَق شاربه (¬٥).
وقال ابنُ القاسم عنه: إحْفاءُ الشوارب عندي مُثلةٌ.
قال مالك: وتفسيرُ حديث النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في إحْفاءِ الشارب، إنما هو الإطار. وكان يكرَهُ أن يُؤخذَ من أعلاه (¬٦).
---------------
(¬١) أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ مدينة السلام ١٣/ ٢٢٥ من طريق مسدَّد بن مسرهد، به.
وأخرجه أحمد في المسند ٣٢/ ٧ (١٩٢٦٣)، والترمذي (٢٧٦١ م)، والنسائي في الكبرى ١/ ٧٩ (١٤) من طريق يحيى بن سعيد القطّان، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (٢٦٠٠)، وعبد بن حميد (٢٦٤)، والترمذي (٢٧٦١)، والنسائي في المجتبى ١/ ١٥، وفي الكبرى (٩٢٤٨)، وابن حبان (٥٤٧٧) من طريق يوسف بن صهيب، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(¬٢) سيأتي تخريجه.
(¬٣) سلف تخريجه.
(¬٤) الموطأ ٢/ ٥٠٧ (٢٦٦٩).
(¬٥) ينظر: البيان والتحصيل لأبي الوليد بن رشد ٩/ ٣٧٣.
(¬٦) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٨٢، وأبو الوليد بن رشد في المقدمات الممهدات ٣/ ٤٤٧.

الصفحة 200