كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

وقال أبو حنِيفةَ (¬١): القِراءةُ في الآخِرتينِ لا تجِبُ. وكذلك قال الثَّورِيُّ، والأوزاعِيُّ. قال الثَّورِيُّ: يُسبِّحُ في الآخرتين أحبُّ إليَّ من أن يقرأ.
قال أبو عُمر: رُوِي عن عليِّ بن أبي طالِبٍ، وجابرِ بن عبدِ اللَّه، والحسنِ، وعَطاءٍ، والشَّعبِيِّ، وسعِيدِ بن جُبيرٍ: القِراءةُ في الرَّكعتينِ الآخِرتينِ من الظُّهرِ والعصرِ بفاتحةِ الكِتابِ، في كلِّ ركعةٍ منهُما (¬٢).
وثبتَ ذلك، عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا وجه لما خالفهُ، والحمدُ للَّه.
وقال الثَّورِيُّ وأبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ: يَقْرأُ في الرَّكعتينِ الأُولَيينِ، وأمّا في الآخِرتينِ: فإن شاءَ قَرأ، وإن شاءَ سبَّحَ، وإن لم يَقْرأ، ولم يُسبِّح، جازَتْ صلاتُهُ (¬٣). وهُو قولُ إبراهيمَ النَّخعِيِّ (¬٤).
ورُوِي ذلك عن عليٍّ رضِي اللَّه عنهُ (¬٥). والرِّوايةُ الأُولى عنهُ أثبتُ، رواها عنهُ أهلُ المدِينةِ.
قال أبو عُمر: قولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ صلاةٍ لم يُقرأ فيها بأُمِّ القُرآنِ، فهي خِداجٌ غيرُ تمام". وقولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاةَ لمن لم يَقْرأ بفاتحةِ الكِتابِ". يَقْضِى في هذا البابِ بين المُختلِفِين فيه، وهُو الحُجَّةُ اللّازِمةُ، ولم يُرو عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شيءٌ يَدْفعُ ذلك، ولا يُعارِضُهُ.
حدَّثنا أحمدُ بن فَتْح، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ اللَّه بن زكرِيّا النَّيسابُورِيُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عَمرٍو البزّارُ، قال: حدَّثنا أبو سَلَمةَ يحيى بن خَلَفٍ، قال: حدَّثنا
---------------
(¬١) انظر: المبسوط للسرخسي ١/ ١٨.
(¬٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٢٦٦١)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (٣٧٤٧) و (٣٧٥٤) و (٣٧٥٥)، والأوسط لابن المنذر (١٣٠٧، ١٣٢٦، ١٣٢٧).
(¬٣) انظر: المبسوط للسرخسي ١/ ١٩.
(¬٤) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٣٧٦٦).
(¬٥) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٣٧٦٤)، والأوسط لابن المنذر (١٣٣٠).

الصفحة 22