كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

وقال أبو زيد (¬١): السِّبتُ جلودُ البقر خاصّة، مدبوغةً كانت أو غيرَ مدبوغة، ولا يقال لغيرها: سَبتٌ، وجمعُها سُبوتٌ.
وقال غيره: السِّبتُ نوعٌ من الدِّباغ يَقلَعُ الشَّعر.
والنِّعال السِّبتيةُ من لباس وجوه الناس وأشراف العرب، وهي معروفة عندَهم، قد ذكرَها شُعراؤهم، قال عنترةُ يمدحُ رجلًا (¬٢):
بطَلٌ كأنَّ ثيابَه في سَرحةٍ (¬٣) ... يُحْذَى نعالَ السِّبْتِ ليس بتَوْأَمِ
يعني أنه لم يولَدْ توأمًا (¬٤).
وقال كُثيِّر (¬٥):
كأن مَشافرَ النجْداتِ منها ... إذا ما قارفَتْ قَمعَ (¬٦) الذبابِ
بأيْدي مأتمٍ مُتساعداتٍ (¬٧) ... نعالُ السِّبْتِ أو عَذَبُ الثيابِ
---------------
(¬١) هو الأنصاري، واسمه سعيد بن أوس بن ثابت، أبو زيد النحويّ، وهذا القول نقله عنه القاضي عياض في المشارق ٤/ ٩٦، والنووي في شرح صحيح مسلم ٨/ ٩٥.
(¬٢) ديوانه، ص ١٢٧.
(¬٣) السَّرْحة: الشجرة العظيمة. والمعنى: كأنّ ثيابه على سرحةٍ (يعني على شجرة عظيمة) من طوله، والعربُ تمدح بالطُّول وتذمُّ بالقِصَر. ينظر: شرح أدب الكاتب لأبي منصور الجواليقي، ص ٢٥٧.
(¬٤) يعني: لم يُولَد معه آخَر فيكون ضعيفًا. وهذا كما قال الشعبيُّ وقد دخل على عبد الملك بن مروان، فجعل ينظر إليه، وكان الشعبيُّ قد وُلد توأمًا مع أخيه، فكان نحيفًا، فقال: يا أمير المؤمنين، إنِّي زُوحِمْتُ في الرَّحِم. ينظر: زهر الآداب وثمر الألباب لإبراهيم القيرواني ٢/ ٤١٣.
(¬٥) المشهور بكُثَيِّر عزَّة، ولم نقف على البيتين في المطبوع من ديوانه، وهما في كتابَي الحيوان للجاحظ ٣/ ١٨٩، وأساس البلاغة للزمخشريّ دون نسبةٍ لقائل معيَّن.
(¬٦) والقَمَع أبو القَمَعةُ: ذُبابٌ يركب الإبلَ والظِّباء إذا اشتدَّ الحرُّ، يقال: الحمار يتقمَّع؛ أي: يُحرِّك رأسه. الصحاح (قمع).
(¬٧) في الأصل: "متصاعدات"، والمثبت من د ٢.

الصفحة 221