كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)
وذكر أبو بكر (¬١)، قال: حدَّثنا يحيى بنُ آدم، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن أيوبَ، قال: سمعتُ سعيدَ بنَ جُبير وسُئِل عن الخِضاب بالوَسِمة، قال: يكسُو اللَّهَ العبدَ في وجهِه النور، فيُطفِئُه بالسَّواد!
قال أبو عُمر: ومما يدلُّ على أنَّ الصَّبغَ بالصُّفْرة المذكورَ في هذا الحديث هو صَبْغُ الثِّياب لا تَصفيرُ اللحية، ما ذكره مالك (¬٢)، عن نافع، أنَّ عبدَ اللَّه بنَ عُمر كان يلبَسُ الثوبَ المصبوغَ بالمِشْق، والمصبوغَ بالزَّعفران.
قال أبو عُمر: فحديثُ مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يلبَسُ الثوبَ المصبوغَ بالمِشْق والزَّعْفران، مع روايتِه عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يَصبُغُ بالصُّفْرة، دليلٌ على أنَّ تلك الصُّفْرة كانت منه في لباسِه، واللَّهُ أعلم. وإلى هذا ذهب مالكٌ على ما ذكَرناه في باب حميدٍ الطويل (¬٣).
وأما غيرُه من العلماء فإنهم لا يُجيزون للرجلِ أن يلبَسَ ثوبًا (¬٤) مصبوغًا بالزَّعفران، لحديث عبدِ العزيز بن صهيب، عن أنس، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يتزَعْفَر الرّجُل (¬٥). وهو معناه عندَ مالك وأكثرِ العلماء، تخليقُ الجسدِ وتَزَعْفُرُه. وقد ذكَرنا هذا المعنى بأشبَعَ من ذكرِنا له هاهنا في باب حميدٍ الطويل من كتابنا هذا (¬٦)، والحمدُ للَّه.
وقد رُوِيَ أنَّ تلك الصُّفرةَ كانت في ثيابِه نصًّا دون تأويل.
حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زُهَير، قال: حدَّثنا يحيى بنُ عبدِ الحميد، قال: حدَّثنا سليمانُ بنُ بلال،
---------------
(¬١) ابن أبي شيبة، في المصنَّف (٢٥٥٣٨).
(¬٢) في الموطأ ٢/ ٤٩٨ (٢٦٤٧).
(¬٣) سلف في الحديث الثاني له.
(¬٤) في الأصل: "شيئًا"، والمثبت من د ٢ وغيرها.
(¬٥) سلف تخريجه في أثناء شرح الحديث الثاني لحميد الطويل عن أنس رضي اللَّه عنه.
(¬٦) في الحديث المشار إليه قريبًا.
الصفحة 234
648