كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

وقال الأوزاعِيُّ: من قرأ في نِصفِ صَلاتِهِ، مضَتْ صلاتُهُ، وإن قَرَأ في رَكْعةٍ واحِدةٍ من المغرِبِ، أوِ الظُّهرِ، أوِ العَصْرِ، أوِ العِشاءِ، ونسِي أن يقرأ فيما بَقِي من الصَّلاةِ، أعاد الصلاةَ (¬١).
وأمّا إسحاقُ فقال: إذا قَرأ في ثلاثِ رَكَعاتٍ، إمامًا أو مُنفرِدًا، فصلاتُهُ جائزةٌ، بما اجتمع النّاسُ عليه: أنَّ من أدركَ الرُّكُوع، أدركَ الرَّكعةَ.
وقال الثَّورِيُّ: إن قرأ في ركعةٍ من الصُّبح، ولم يقرأ في الأُخرى، أعادَ الصَّلاةَ، وإن قرأ في رَكْعةٍ ولم يقرأ في الثَّلاثِ من الظُّهرِ، أوِ العصرِ، أوِ العشاءِ، أعادَ.
ورُوِي عن الحسنِ البصرِيِّ، أَنَّهُ قال: إذا قرأتَ في ركعةٍ واحِدةٍ من الصَّلاةِ، أجزأكَ. وبهِ قال أكثرُ فُقهاءِ أهلِ البصرةِ.
وقال المُغِيرةُ بن عبدِ الرَّحمنِ المخزُومِيُّ: إذا قرأ بأُمِّ القُرآنِ مرَّةً واحِدةً في الصَّلاةِ أجزأهُ، ولم تكُن عليه إعادةٌ.
وقد رُوِي عن مالكٍ قولٌ شاذٌّ لا يعرِفُهُ أصحابُهُ: أنَّ الصَّلاةَ تُجزِئُ بغيرِ قِراءةٍ. على ما رُوِي عن عُمرَ، وهي رِوايةٌ مُنكرةٌ.
وقال الشّافِعيُّ (¬٢): عليه أن يَقْرأ في كلِّ ركعةٍ بفاتحةِ الكِتابِ، ولا ركعةَ إلّا بقِراءةِ فاتحةِ الكِتابِ. قال: وكما لا ينُوبُ سُجُودُ ركعةٍ ورُكُوعُها، عن رَكْعةٍ أُخرى، فكذلك لا ينُوبُ قِراءةُ رَكْعةٍ عن ركعةٍ غيرِها.
وهذا قولُ ابن عونٍ (¬٣)، وأبي ثورٍ، ورُوِي مِثلُهُ عن الأوزاعِيِّ.
---------------
(¬١) انظر: الأوسط لابن المنذر ٣/ ٢٧٢، والإشراف له ٢/ ١٧، وانظر فيهما ما بعده.
(¬٢) انظر: الأم ١/ ١٢٩.
(¬٣) في د ٢: "ابن عمر".

الصفحة 25