كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)
حدَّثنا محمدُ بن كثير، عن الأوزاعيِّ، عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قال اللَّه عزَّ وجلّ: أحَبُّ ما عبادي إليَّ أسرعُهم فِطرًا" (¬١).
قال أبو عُمر: لم يسمعِ الأوزاعيُّ هذا الحديثَ من الزهريِّ؛ بينَهما قُرَّةُ بنُ حَيْويل، كذلك رواه ثقاتُ أصحابِ الأوزاعيِّ، وأما محمدُ بنُ كثير هذا، فكثيرُ الخطأ، ضعيفُ النقل.
---------------
(¬١) أخرجه أبو بكر بن الأنباري في حديثه (٦٠) من طريق محمد بن كثير المِصِّيصي، به.
وذكره الدارقطني في العلل ٩/ ٢٥٦ (١٧٤٤). وإسناده ضعيف، وفيه علّتان:
الأولى: في إسناده محمد بن كثير: وهو ابن أبي عطاء الثقفيّ المِصِّيصي، فهو ضعيف عند التفرد، فقد ضعَّفه أحمد بن حنبل جدًّا، وقال البخاري: ليِّنٌ جدًّا، وقال أبو داود: "لم يكن يفهم الحديث"، وكذا ضعّفه غير واحد كما هو مبيَّن في تحرير التقريب (٦٢٥١).
والثانية: الانقطاع في إسناده، فإن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي لم يسمع هذا الحديث من محمد بن شهاب الزُّهري كما سيذكر المصنف، وعلى هذا جاء قول الدارقطني في علله ٩/ ٢٥٦ في سياق ذكره للاختلاف فيه على الأوزاعي، قال: "فرواه محمد بن كثير المِصِّيصي عن الأوزاعي، عن الزُّهري، عن أبي سلمة -وهو ابن عبد الرحمن بن عوف- عن أبي هريرة. وخالفه أبو عاصم -وهو الضحّاك بن مخلد- عن قُرّة -وهو ابن عبد الرحمن بن حيويل-" ثم قال: "وقول أبي عاصم أشبه بالصواب".
قلنا: وحديث أبي عاصم الضحاك بن مخلد، أخرجه أحمد في المسند ١٤/ ٩٨ (٨٣٦٠) عنه، به.
وأخرجه الترمذي (٧٠١)، وابن خزيمة في صحيحه ٣/ ٢٧٦ (٢٠٦٢) من طريقين عن أبي عاصم، به. وقرن الترمذي بأبي عاصم أبا المغيرة -وهو عبد القدوس بن الحجّاج الخولاني- وإسناده ضعيف لضعف قُرَّة بن عبد الرحمن بن حيويل المعافري المصري، فقد ضعّفه ابن معين وأبو زرعة الرازي وأبو حاتم والنسائي وأحمد بن حنبل وقال: منكر الحديث جدًّا، وكذا قال غير واحد كما في تحرير التقريب (٥٥٤١).
وقد سلف هذا الحديث لإسناد المصنِّف من طريق محمد بن شعيب -وهو الأموي الدمشقي- عن الأوزاعي عن قُرَّة بن حيويل، به. في أثناء شرح الحديث الخامس لعبد الرحمن بن حرملة الأسلمي. والمحفوظ في فضل تعجيل الفطر ما وقع في الحديث الآتي بعده، وهو حديث صحيح.