كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)
بناتهم التي فرَضها اللَّه لهنّ. وقال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: ٥]. يعني: مُهورَهنَّ. وقال في الإماء: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٥]. يعني: مُهورَهنّ.
وأجمع علماءُ المسلمين أنه لا يجوزُ لأحد أن يطَأَ فَرْجًا وُهِب له وَطؤُه دونَ رَقبتِه بغير صَداق، وأنَّ الموهوبةَ لا تَحِلُّ لأحدٍ غير النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. واختلفوا في عقدِ النِّكاح بلفظِ الهِبَة -مثل أن يقولَ الرجلُ للرجل (¬١): قد وَهَبْتُ لك ابنتي أو وليَّتي. وسمَّى صَداقًا أو لم يُسَمِّ- فقال الشافعيُّ: لا يَصحُّ النكاحُ بلفظ الهبة، ولا ينعقدُ حتى يقول: قد أنكَحتُكَ. أو: زوَّجتُكَ (¬٢).
وممّن أبطَل النكاحَ بلفظِ الهبة: ربيعةُ، والشافعيُّ، ومالكٌ على اختلافِ عنه، وأبو ثور، وأبو عُبيدٍ، وداودُ، وغيرُهم.
وذهَبت طائفةٌ من أصحاب مالكٍ إلى (¬٣) أن النكاح ينعقِدُ بلفظِ الهبة؛ لأنه لفظٌ يصحُّ للتمليك، والاعتبارُ فيه بالمعنى لا باللفظ (¬٤).
وقال ابنُ القاسم (¬٥)، عن مالك: لا تحِلُّ الهبةُ لأحدٍ بعدَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال:
---------------
= وقال الشافعيُّ في الأمّ ٥/ ٦٢ بعد أن ذكر هذه الآية: "فأمر اللَّه الأزواج بأن يؤتوا النساء أجورهن وصدقاتهن، والأجر: هو الصداق، والصداق: هو الأجر والمهر".
(¬١) هذه اللفظة سقطت من الأصل، د ٣.
(¬٢) ينظر: الأمّ للشافعي ٥/ ٢٥.
(¬٣) حرف الجر في بعض النسخ دون بعض.
(¬٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٩٢، وبداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٣٢.
(¬٥) في المدوّنة ٢/ ١٦٧.
الصفحة 271
648