كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

حديثٌ سابعٌ لأبي حازم
مالكٌ (¬١)، عن أبي حازم بن دينار، عن أبي إدريسَ الخَوْلانيِّ، أنه قال: دخلتُ مسجدَ دمشق، فإذا فتًى شابٌّ برّاقُ الثَّنايا (¬٢)، وإذا الناسُ معه؛ إذا اختلَفوا في شيء أسنَدوه إليه، وصَدَروا عن قوله، فسألتُ عنه، فقيل: هذا معاذُ بنُ جَبَل. فلما كان الغدُ هجَّرْتُ، فوجدْتُه قد سبَقَني بالتَّهجير، ووجَدْتُه يُصَلِّي. قال: فانتَظَرْتُه حتى قضَى صلاتَه، ثم جئتُ من قِبَلِ وجْهِه، فسلَّمْتُ عليه، ثم قلت له: واللَّه إني لأحبُّك في اللَّه. فقال: آللَّه؟ قال: فقلت: آللَّه. فقال: آللَّه؟ فقلت: آللَّه. قال: فأخذ بحُبْوةِ ردائي، فجَبَذَني إليه، وقال: أبْشِرْ، فإنّي سمعتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "قال اللَّهُ تبارك وتعالى: وَجَبَتْ مَحبَّتي للمتحابِّين فيَّ، وللمُتجالِسين فيَّ، والمتباذِلين فيَّ، والمتزاوِرين فيَّ".
قد مضَى القولُ والآثارْ في المتحابِّين في اللَّه في باب أبي طُوالة (¬٣)، والحمدُ للَّه.
وفي هذا الحديث: لقاءُ أبي إدريسَ الخَوْلانيِّ (¬٤) لمعاذِ بن جبل وسَماعُه منه، وهو إسنادٌ صحيح، ولكنَّ لقاء أبي إدريسَ هذا لمعاذِ بنِ جَبَل مُختَلَفٌ فيه، فطائفةٌ تَنفِيه (¬٥)، وطائفةٌ لا تُنْكِره، من أجل هذا الحديث وغيرِه.
ومَن نفاه احتجَّ بما رواه معمرٌ (¬٦) وابنُ عُيَينة (¬٧)، عن الزهريِّ، قال: سمعتُ
---------------
(¬١) الموطأ ٢/ ٥٤٤ (٢٧٤٤).
(¬٢) في الأصل: "الثياب"، خطأ بيّن.
(¬٣) واسمه عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن معمر، وقد سلف ذلك في الحديث الثاني له.
(¬٤) واسمه عائذ بن عبد اللَّه بن عمرو.
(¬٥) ينظر: تاريخ دمشق لابن عساكر ٢٦/ ١٥٩، وتهذيب الكمال والتعليق عليه ١٤/ ٩١.
(¬٦) أخرجه عبد الرزاق ١١/ ٣٦٣ (٢٠٧٥٠) عن معمر بن راشد، به. وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ١٠/ ٣٨ بإثر (٣٨٩٥)، والآجُرّي في الشريعة (٩١)، والحاكم في المستدرك ٤/ ٤٦٠، وابن بطّة في الإبانة الكبرى (١٤٣)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (١١٦)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٦/ ١٥٥ - ١٥٦ من طريق عبد الرزاق، عن معمر بن راشد، به. وإسناده صحيح.
(¬٧) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٧/ ٨٣ (٣٧٥)، وفي التاريخ الأوسط (٢٥١)، والفسوي في =

الصفحة 291