كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)
مَقبوضًا عليه، والقِمارُ كلُّه من بيعِ الغَرَر، وبيعُ الحَصاة من القمار (¬١). ومعنى بيع الحَصاةِ عندَهم أن تكون جملةُ ثيابٍ منشورةً أو مطويّةً، فيقول القائل: أيُّ هذه الثياب وقَعَت عليها حَصاتي هذه فقد وجَب فيها البيعُ بيني وبينَك بكذا. دون تأمُّلٍ ولا رُؤية، فهذا أيضًا غَرَر.
واسمُ بيع الغَرَر اسمٌ جامعٌ لهذه المعاني كلِّها وما أشبَهَها، إلا أن العلماءَ اختلَفوا في الآبِق يكونُ في يدِ مُشتَريه:
فقال مالكٌ: لا يجوزُ بيعُ الآبق إلا أن يكونَ بحيثُ يُقدَرُ على تَسليمِه، ويعرِفُ البائعُ والمشتَري حاله في وقت البيع (¬٢).
وقال الحسنُ بن حيٍّ والشافعيُّ وعُبيدُ اللَّه بنُ الحسن: لا يجوزُ بيعُ الآبق (¬٣).
وقال أبو حنيفة وأصحابُه: لا يجوزُ بيعُ العبدِ الآبق إلّا أن يكونَ في يدِ مُشتَريه (¬٤).
وقال عثمانُ البَتيُّ (¬٥): لا بأسَ ببيع الآبق والبعيرِ الشارد، وإن هلَك فهو من مال المشتري، وإن اختلَفا في هلاكِه فعلى المشتري البينةُ أنه هلك قبل أن يشتريَه، وإلا أعطاه قيمتَه، وكذلك المبتاعُ إذا تقدّم شراؤُه.
قال أبو عُمر: قولُ عثمانَ البتِّيِّ هذا مردودٌ (¬٦) بالسُّنة المذكورة في هذا الحديث،
---------------
(¬١) زاد هنا في د ٢: "وهو الميسر، وهو أيضًا من بيوع الغرر"، ولا معنى لهذه الزيادة لأن معناها تقدم.
(¬٢) نقله عنه بهذا السياق الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٨٨، وينظر: المدوّنة ٣/ ١٩٤.
(¬٣) ينظر: الأمّ للشافعي ٣/ ١٨، ومختصر المُزني ٨/ ١٨٥، ومختصر اختلاف العلماء ٣/ ٨٨.
(¬٤) نصَّ على ذلك محمد بن الحسن الشيباني في الأصل المعروف بالمبسوط له ٥/ ٩٢ (١٧) وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٨٨، والمبسوط للسرخسي ١٣/ ١٠.
(¬٥) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٨٩.
(¬٦) عبارة م: "هو مردود"، والمثبت من النسخ.
الصفحة 308
648