كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

واختلَفوا في الجماعة يَشتَركون في قتل الصيد؛ فقال مالك: إذا قتَل جماعةٌ محرِمون صيدًا، أو جماعةٌ مُحِلُّون في الحَرَم صيدًا، فعلى كلِّ واحدٍ منهم جزاءٌ كامل (¬١). وبه قال الثوريُّ، والحسنُ بنُ حيٍّ. وهو قولُ الحسن البصريِّ، والنخَعيِّ، والشَّعْبيِّ (¬٢)، وروايةٌ عن عطاء (¬٣).
وقال أبو حنيفة (¬٤) وأصحابُه: إذا قتَل جماعةٌ مُحرِمون صيدًا، فعلى كلِّ واحدٍ منهم جزاءٌ كاملٌ، وإن قتَل جماعةٌ مُحلُّون صيدًا في الحرَم، فعلى جماعتِهم جزاءٌ واحدٌ.
وقال الشافعيُّ (¬٥): عليهم كلِّهم جزاءٌ واحدٌ، وسواءٌ كانوا مُحرِمين أو مُحلِّين في الحرَم. وهو قولُ عطاء، والزهريِّ (¬٦). وبه قال أحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثور (¬٧).
ورُوِي عن عمرَ، وعبدِ الرحمن بنِ عوف، أنهما حكَما على رجلَيْن أصابا ظَبْيًا بشاة (¬٨).
---------------
(¬١) ينظر: المدوّنة ١/ ٤٤٣، والتهذيب في اختصار المدوّنة للقيرواني ١/ ٦١٦ (٩٩٠).
(¬٢) قوله: "والشعبي" سقط من الأصل، م، وهو ثابت في بقية النسخ.
(¬٣) نقله عن بعضهم الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢١٦، والشاشي في حلية العلماء ٣/ ٢٥٣، وابن رشد في بداية المجتهد ٢/ ١٢٣.
(¬٤) نقله عن أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني في الأصل المعروف بالمبسوط ٢/ ٤٣٨ و ٥٥٣، وينظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ١٢٣.
(¬٥) في الأم ٢/ ٢٢٧.
(¬٦) ينظر: المصنّف لعبد الرزاق ٤/ ٤٣٦ (٨٣٥٣) و (٨٣٥٤)، ولابن أبي شيبة (باب في القوم يشتركون في الصيد وهم محرمون) ٤/ ١٦ - ١٨.
(¬٧) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية لإسحاق بن منصور ٥/ ٢٢٤٢ (١٥٢٢)، والمغني لابن قدامة ٣/ ٤٥١.
(¬٨) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٥٣ - ٥٥٤ (١٢٤٠)، وعنه الشافعي في الأمّ ٧/ ٢٥٤ كلاهما عن عبد الملك بن قُرير عن محمد بن سيرين: أن رجلًا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين، نستبق إلى ثُغرة ثنيّة، فأصبْنا ظبيًا ونحن محرمان، فماذا ترى؟ وفيه قول عمر في آخره: "لو أنك أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتُك ضربًا، ثم قال: إن اللَّه تبارك وتعالى يقول في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] وهذا عبد الرحمن بن عوف.

الصفحة 338