كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

لم تُثبِتِ الصَّحابةُ فيه ما ليسَ من القُرآنِ، لأنَّهُ مُحالٌ أن يُضِيفُوا إلى كِتابِ اللَّه ما ليسَ منهُ، ويَكتُبُوهُ بالمِدادِ، كما كتبُوا القُرآن.
هذا ما لا يجُوزُ أن يُضِيفهُ أحَدٌ إليهم؛ ألا ترَى أنَّ الذينَ رأوا منهُمُ الشَّكلَ فيه كَرِهُوهُ، وقالوا: نَمَّشْتُم (¬١) المُصحف، كيف تُضِيفُونَ إلَيهِ ما ليسَ منهُ؟
واحتجُّوا من الأثرِ؛ بما حدَّثنا عبدُ اللَّه بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (¬٢): حدَّثنا قُتيبةُ بن سعِيدٍ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن عَمرٍو، عن سعِيدِ بن جُبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كان النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يَعرِفُ فصلَ السُّورةِ، حتّى تنزِل عليه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
قال أبو داودَ (¬٣): وحدَّثنا هنّادُ بن السَّرِيِّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن فُضيل، عن المُختارِ بن فُلفُل، قال: سَمِعتُ أنس بن مالكٍ، يقولُ: سمِعتُ رسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ: "أُنزِلت عليَّ آنِفًا سُورةٌ".
فقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} حتّى ختمها، ثُمَّ قال: "هل تدرُونَ ما الكوثرُ؟ " قالوا: اللَّه ورسُولُهُ أعلمُ. قال: "فإنَّهُ نهرٌ وعَدَنِيهِ ربِّي في الجنَّةِ".
---------------
(¬١) في ت، م: "نسيتم"، وهو تحريف ظاهر، وفي د ٢: "نمنمتم"، والنمنمة: المزخرفة المرقّشة، كما في المعجم الوسيط، ص ٩٥٦، والمثبت من الأصل. ونمشتم: نقطتم، إذ النمش: نقط بيض وسود في اللون، كما في النهاية ٥/ ١١٩.
(¬٢) في سننه (٧٨٨). ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٢/ ٤٢. وأخرجه البزار (٢١٨٧، زوائد)، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٣١، والواحدي في أسباب النزول، ص ١١، والبيهقي في المعرفة (٧٠٥، ٧٠٦) من طريق سفيان، به. وانظر: المسند الجامع ٩/ ٤١٠ (٦٨٠٣).
(¬٣) في سننه (٧٨٤، ٤٧٤٧). وأخرجه أحمد في مسنده ١٩/ ٥٣ - ٥٤ (١١٩٩٤، ١١٩٩٦)، ومسلم (٤٠٠، ٢٣٠٤)، والبيهقي في البعث والنشور (١١٤)، والبغوي في شرح السنة (٥٧٩) من طريق محمد بن فضيل، به. والروايات مطولة ومختصرة. وانظر: المسند الجامع ٢/ ٤٠٢ - ٤٠٣ (١٤١٠).

الصفحة 41