كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} " [الأنفال: ٢٤]، ثُمَّ قال: "ألا أُعلِّمُكَ أفضلَ سورةٍ في القُرآنِ قبلَ أن أخرُجَ؟ " قال: فلمّا ذهَبَ يخرُجُ، ذكرتُ لهُ، فقال: " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هي السَّبعُ المثاني والقُرآنُ العظِيمُ الذي أُوتيتُهُ". واللَّفظُ لحدِيثِ عبدِ الوارِثِ (¬١).
ففي هذا الحدِيثِ تَسمِيةُ السُّورةِ (¬٢) بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
وفيه: أنَّها السَّبعُ المثاني.
وفيه: أنَّ الصَّلاةَ لا يجُوزُ فيها الكلامُ، ولا الاشتِغالُ بغَيرِها، ما دامَ فيها؛ لأنَّ رسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُعنِّفهُ، إذ قال لهُ: كُنتُ أُصلِّي. بل سكتَ عنهُ، تسلِيمًا لذلك، وإذا لم يَقْطع الصَّلاةَ بكلام ولا عملٍ لرسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فغيرُهُ أحْرَى بذلك، وباللَّه التَّوفِيقُ.
وذكر عبدُ الرَّزّاقِ (¬٣)، عن ابن جُريج، قال: قُلتُ لعطاءٍ: أيُجزِئُ عنِّي في كلِّ ركعةٍ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} وليسَ معها أُمُّ القُرآنِ في المكتُوبةِ؟ قال: لا، ولا سُورةُ البَقرةِ، قال اللَّه: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: ٨٧]. قال: هي السبعُ المثاني (¬٤)، قلتُ: فأينَ السّابعةُ؟ قال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. قال ابن جريج (¬٥): وكان عطاءٌ يُوجِبُ أُمَّ القُرآنِ في كلِّ رَكْعةٍ (¬٦).
---------------
(¬١) أخرجه النسائي في السنن الكبرى ٧/ ٢٥٥ (٧٩٥٦)، وابن خزيمة (٨٦٢، ٨٦٣) عن محمد بن بشار، به. وأخرجه ابن حبان ٣/ ٥٦ (٧٧٧) عن أبي خليفة، به. وأخرجه البخاري (٤٤٧٤) عن مسدد، به. وأخرجه أحمد في مسنده ٢٩/ ٣٩٥ (١٧٨٥١)، والبخاري (٥٠٠٦)، وأبو يعلى (٦٨٣٧)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٣٦٩، من طريق يحيى، به. وانظر: المسند الجامع ١٦/ ٢٦٦ - ٢٦٧ (١٢٤٥٤).
(¬٢) في ت: "أنه ابتدأ" بدل: "تسمية السورة".
(¬٣) في المصنَّف (٢٦٢٩).
(¬٤) في م: "فهي السبع المثاني"، والمثبت من د ٢، وهو الموافق لما في مصنَّف عبد الرزّاق.
(¬٥) قوله: "ابن جريج" لم يرد في الأصل، ت، م.
(¬٦) جاء في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة بحمد اللَّه وحسن عونه".

الصفحة 48