كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)
ما واظَب رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه (¬١) منها وسَنَّها، ولم يُختلَفْ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان إذا أضاءَ له الفجرُ صلَّى رَكْعتين قبل صلاةِ الصُّبح، وأنه لم يترُكْ ذلك حتى ماتَ، فهذا عَمَلُه.
وقالت عائشة: ما كان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على شيء من النوافل أشدَّ معاهدةً منه على رَكْعتَي الفَجْر. وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رَكْعَتا الفَجْرِ خيرٌ مِن الدُّنيا وما فيها".
أخبرنا عبدُ اللَّه بنُ محمد، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكر، قال: حدَّثنا أبو داود (¬٢). وحدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا بكرُ بنُ حمّاد؛ قالا: حدَّثنا مُسَدَّدٌ، قال: حدَّثنا يحيى، عن ابنِ جريج، قال: حدَّثني عطاءٌ، عن عُبيدِ بنِ عُمير، عن عائشة، قالت: إنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن على شيءٍ من النوافل أشدَّ معاهدةً منه على الرَّكْعتَين قبلَ الصُّبْح (¬٣).
وحدَّثنا عبدُ الوارث (¬٤)، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا بكرٌ، قال: حدَّثنا مُسَدَّدٌ، قال: حدَّثنا أبو عَوَانة، عن قَتادة، عن زُرارةَ بنِ أوْفَى، عن سعدِ بنِ هشام، عن عائشة، قالت: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رَكْعتا الفَجْرِ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها".
قال أبو عُمر: فاحتجَّ مَن قدَّمْنا قولَهُ من الفُقهاء وأصحابِهم بهذه الآثار وما كان مِثْلَها في تأكيدِ رَكْعتَي الفَجْر، قالوا: هي سُنّةٌ مؤكَّدةٌ، فإذا أمكَن الإتيانُ
---------------
(¬١) "عليه" لم ترد في الأصل.
(¬٢) في سننه (١٢٥٤)، وقد سلف هذا الحديث بإسناد المصنِّف من طريق مسدّد بن مسرهد مع تخريجه أثناء شرح الحديث الثاني والسِّتين لنافع مولى عبد اللَّه بن عمر.
(¬٣) أخرجه ابن المنذر في الأوسط ٥/ ٢٢٥ (٢٧٤٦) من طريق مسدَّد بن مسرهد، به.
وأخرجه مسلم (٧٢٥) (٩٦)، والترمذي (٤١٦) من طريقين عن أبي عوانة الوضاح بن عبد اللَّه اليشكري، به. قتادة: هو ابن دعامة السدوسيّ.
وسيأتي بهذا الإسناد عند المصنف في أثناء شرح الحديث السابع والخمسين ليحيى بن سعيد.
(¬٤) هو عبد الوارث بن سفيان بن جبرون، وشيخه قاسم: هو ابن أصبغ البياني، وشيخه بكر: هو ابن حمّاد.