كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)
قال: حدَّثنا شعبةُ عن أبي بشْر، عن سعيدِ بنِ جبير، قال: إذا دخَل الرجلُ المسجدَ والقومُ يُصَلُّون، فلا يُصلِّ الرَّكْعتَين قبلَ الغَداة، ولكن ليُصَلِّهما خارجًا على دُكّان (¬١)، أو على شيء (¬٢)، وهذا مثلُه أيضًا.
ومن حُجَّةِ الثوريِّ والأوزاعيِّ في أن يُصَلِّيَهما في المسجدِ إذا رجا أن يُدرِكَ صلاةَ الصُّبْح مع الإمام، ما رُوِيَ عن عبدِ اللَّه بنِ مسعود: أنه دخلَ المسجدَ وقد أُقيمتِ الصلاةُ، فصلَّى إلى أُسطُوانةٍ في المسجدِ رَكْعتَي الفَجْر، ثم دخَل في الصلاة، بمَحْضَرٍ من حُذَيفة وأبي موسى (¬٣).
قالوا: وإذا جازَ أن يشتغلَ بالنّافلة عن المكتوبةِ خارجَ المسجد، جازَ له ذلك في المسجد.
وقال الشافعيُّ (¬٤): مَن دخَل في المسجدِ وقد أُقيمت الصلاةُ -صلاةُ الصُّبْح- فليَدْخُلْ مع الناس ولا يركَعْ رَكْعتَي الفَجْر. ومن قوله أنه إذا أُقِيمت الصلاةُ دخَل مع الإمام ولم يَرْكَعْهما لا خارجَ المسجدِ ولا في المسجد. وكذلك قال الطبريُّ: لا يتشاغلْ أحدٌ بنافلةٍ بعدَ إقامةِ الفريضة.
وقال أبو بكر الأثرم: سُئِل أحمدُ بنُ حنبل -وأنا أسمع- عن الرجل يدخُلُ المسجدَ والإمامُ في صلاةِ الصُّبْح ولم يركَع الركعتين، فقال: يدخلُ في الصلاة؛
---------------
(¬١) الدُّكّان: الدَّكّة المبنيةُ للجلوس عليها. (النهاية في غريب الحديث ٢/ ١٢٨).
(¬٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٦٤٨٩) من طريق شعبة بن الحجّاج به بنحوه. وإسناده إلى سعيد بن جبير صحيح. أبو بشر: هو بيان بن بشر الأحمسيّ.
(¬٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٣٧٤ (٢١٩٨) من طريق زهير بن معاوية أبي خيثمة الكوفي عن أبي إسحاق عمرو بن عبد اللَّه السِّبيعي، قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي موسى، عن أبيه، فذكره.
(¬٤) في الأم ١/ ١٧١ بمعناه.