كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

الأحوصُ بن حَكِيم، عن أبي عَوْنٍ، عن أبي إدرِيسَ الخَوْلانيِّ، عن أبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ، أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أنتُم أصحابِي، وإخْواني الذين آمنُوا بي ولم يَرْوني".
هذا إسنادٌ ليسَ في واحِدٍ منهُم مقالٌ، إلّا الأحوص بن حكِيم، فإنَّ ابن مَعِينٍ وطائفةً من أهلِ العِلم بالحدِيثِ ضعَّفُوهُ، وقالوا: عِندهُ مناكِيرُ. وكان ابن عُيينةَ يُوثِّقُهُ ويُثني عليه. وأبو عونٍ، هُو محمدُ بن عُبيدِ اللَّه الثَّقفِيُّ، أجمعُوا أنَّهُ ثِقةٌ، وسائرُ من في الإسنادِ أئمَّةٌ.
وحدَّثنا عبدُ الوارِثِ بن سُفيانَ وسعِيدُ بن نصرٍ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضّاح، قال: حدَّثنا حامِدُ بن يحيى وإبراهيمُ بن المُنذِرِ، قالا: حدَّثنا محمدُ بن مَعنٍ الغِفارِيُّ، قال: حدَّثنا داودُ بن خالدِ بن دِينارٍ، قال: مَررتُ يومًا أنا وَرَجُلٌ من بني تَيْم، يُقالُ لهُ: يُوسُفُ، أو أبو يُوسُف، على ربِيعةَ بن أبي عبدِ الرَّحمنِ، فقال لهُ أبو يُوسُف: يا أبا عُثمانَ، إنّا لنَجِدُ عِندَ غيرِكَ من الحدِيثِ ما لا نَجِدُ عِندَك. فقال: إنَّ عِندِي حدِيثًا كثِيرًا، ولكِنَّ ربِيعةَ بن الهُديرِ أخبَرني، وكان يَلْزمُ طلحةَ بن عُبيدِ اللَّه، أنَّهُ لم يسمع طلحةَ يُحدِّثُ عن رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حدِيثًا قطُّ، غير حدِيثٍ واحِدٍ. قال ربِيعةُ بن أبي عبدِ الرَّحمنِ لربِيعةَ بن الهُديرِ: وما هُو؟ قال: قال (¬١) لي طلحةُ: خرجنا مع رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتّى أشْرَفنا على حرَّةِ واقِم (¬٢)، وتَدَلَّينا منها، فإذا قُبُورٌ بمَحْنيةٍ (¬٣)، فقُلنا: يا رسُولَ اللَّه، هذه قُبُورُ إخوانِنا. قال: "هذه قُبُورُ أصحابِنا". ثُمَّ مَشَينا حتّى جِئنا قُبُور الشُّهداءِ، فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذه قُبُورُ إخوانِنا" (¬٤).
---------------
(¬١) هذا الحرف سقط من د ٢، ت، م.
(¬٢) حرة واقم: إحدى حرتي المدينة، وهي الشرقية، سميت برجل من العماليق اسمه واقم، وكان قد نزلها في الدهر الأول. انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي ٢/ ٢٤٩.
(¬٣) في د ٢، ت، م: "مجبنة". وبمحنية، أي: بحيث ينعطف الوادي، وهو منحناه. انظر: النهاية لابن الأثير ١/ ٤٥٤.
(¬٤) أخرجه أبو داود (٢٠٤٣)، وابن عدي في الكامل ٣/ ٩٤، من طريق حامد بن يحيى، به.

الصفحة 82