كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 13)

قال: حدَّثنا مالكُ بن أنَسٍ، عن ابن شِهابٍ، عن أنَسٍ، قال: قال (¬١) رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثلُ أُمَّتي مثلُ المطرِ، لا يُدْرَى أوَّلُهُ خيرٌ أم آخِرُهُ" (¬٢).
وذكرَ أبو الحسنِ عليُّ بن عُمرَ الدّارقُطنيُّ، في "مُسندِ حدِيثِ مالكٍ" لهُ، فقال: حدَّثنا أبو عليٍّ حامِدُ بن يحيى الهروِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن المُغِيرةِ السُّكَّرِيُّ بهَمَذان، قال: حدَّثنا هشامُ بن عُبيدِ اللَّه الرّازِّيُّ، قال: حدَّثنا مالكُ بن أنسٍ، عن الزُّهرِيِّ، عن أنَسٍ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثلُ أُمَّتي مثلُ المطرِ، لا يُدرى أوَّلُهُ خيرٌ أم آخِرُهُ" (¬٣).
ورَوَى ابن مسعُودٍ وابنُ عبّاسٍ، عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّهُ لمّا عُرِضَتِ الأُممُ عليه، فرأى أُمَّتهُ سَوادًا كثِيرًا فرِحَ، فقيلَ لهُ: إنَّ لكَ سِوَى هؤُلاءِ من أُمَّتِك سبعُونَ ألفًا يدخُلُونَ الجنَّةَ لا حِسابَ عليهم. فقال بعضُ أصحابِهِ لبَعضٍ: من تَرَونَ هؤُلاءِ؟ فقالوا: ما نَراهُم إلّا قومًا وُلِدُوا في الإسلام، لم يُشرِكُوا باللَّه شيئًا، وعَمِلُوا بالإسلام حتّى ماتُوا عليه. فبلغ ذلك النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "بل هُمُ الذين لا يَسْترقُونَ، ولا يَكْتوُونَ، ولا يَتطيَّرُونَ، وعلى ربِّهِم يتوكَّلُونَ". فقال عُكاشةُ: يا رسُولَ اللَّه، ادعُ اللَّه أنَ يَجعلني منهُم. وذكرَ تمام الخبرِ (¬٤).
وهذه الأحادِيثُ تَقْتضِي مع تَواتُرِ طُرُقِها، وحُسنِها، التَّسوِيةَ بينَ أوَّلِ هذه الأُمَةِ وآخِرِها.
---------------
(¬١) هذا الحرف سقط من م.
(¬٢) أخرجه ابن حبان في المجروحين ٣/ ٩٠، من طريق جعفر بن محمد بن إدريس، به. وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ١٢/ ٤١٥، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٣/ ١٦، من طريق محمد بن المغيرة السكري، به.
(¬٣) بيّنا قبل قليل قول الدارقطني في هذا الحديث.
(¬٤) سلف بإسناده في شرح الحديث الخامس والأربعين لزيد بن أسلم، وهو في الموطأ ٢/ ٥٣٢ (٢٧١٨)، وانظر تخريجه في موضعه.

الصفحة 96