كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

(قَوْلُهُ بَابُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ)
تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ خَبَرِهِمْ فِي تَرْجَمَةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّهُمْ مِنْ بَنِي آدَمَ ثُمَّ بَنِي يَافِثَ بْنِ نُوحٍ وَبِهِ جَزَمَ وَهْبٌ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ إِنَّهُمْ مِنَ التُّرْكِ قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَقِيلَ يَأْجُوجُ مِنَ التُّرْكِ وَمَأْجُوجُ مِنَ الدَّيْلَمِ وَعَنْ كَعْبٍ هُمْ مِنْ وَلَدِ آدَمَ مِنْ غَيْرِ حَوَّاءٍ وَذَلِكَ أَنَّ آدَمَ نَامَ فَاحْتَلَمَ فَامْتَزَجَتْ نُطْفَتُهُ بِالتُّرَابِ فَخُلِقَ مِنْهَا يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَرُدَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ لَا يَحْتَلِمْ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ أَنْ يَرَى فِي الْمَنَامِ أَنَّهُ يُجَامِعُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دَفَقَ الْمَاءُ فَقَطْ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبُولَ وَالْأَوَّلُ الْمُعْتَمَدُ وَإِلَّا فَأَيْنَ كَانُوا حِينَ الطُّوفَانِ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ بِغَيْرِ هَمْزٍ لِأَكْثَرِ الْقُرَّاءِ وَقَرَأَ عَاصِمٌ بِالْهَمْزَةِ السَّاكِنَةِ فِيهِمَا وَهِيَ لُغَةُ بَنِي أَسَدٍ وَقَرَأَ العجاج وَولده رُؤْيَة أَأْجُوجُ بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الْيَاءِ وَهُمَا اسْمَانِ أَعْجَمِيَّانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ مُنِعَا مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ وَقِيلَ بَلْ عَرَبِيَّانِ وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهِمَا فَقِيلَ مِنْ أَجِيجِ النَّارِ وَهُوَ الْتِهَابُهَا وَقِيلَ مِنَ الْأَجَّةِ بِالتَّشْدِيدِ وَهِيَ الِاخْتِلَاطُ أَوْ شِدَّةُ الْحَرِّ وَقِيلَ مِنَ الْأَجِّ وَهُوَ سُرْعَةُ الْعَدْوِ وَقِيلَ مِنَ الْأُجَاجِ وَهُوَ الْمَاءُ الشَّدِيدُ الْمُلُوحَةِ وَوَزْنُهُمَا يَفْعُولُ وَمَفْعُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ قِرَاءَةِ عَاصِمٍ وَكَذَا الْبَاقِينَ إِنْ كَانَتِ الْأَلِفُ مُسَهَّلَةً مِنَ الْهَمْزَةِ فَقِيلَ فَاعُولٌ مِنْ يَجَّ مَجَّ وَقِيلَ مَأْجُوجُ مِنْ مَاجَ إِذَا اضْطَرَبَ وَوَزْنُهُ أَيْضًا مَفْعُولٌ قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ وَالْأَصْلُ مَوْجُوجُ وَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ مِنَ الِاشْتِقَاقِ مُنَاسِبٌ لِحَالِهِمْ وَيُؤَيِّدُ الِاشْتِقَاقَ وَقَوْلَ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ مَاجَ إِذَا اضْطَرَبَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بعض وَذَلِكَ حِينَ يَخْرُجُونَ مِنَ السَّدِّ وَجَاءَ فِي صفتهمْ مَا أخرجه بن عدي وبن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وبن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَفَعَهُ قَالَ يَأْجُوجُ أُمَّةٌ وَمَأْجُوجُ أُمَّةٌ كُلُّ أُمَّةٍ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ لَا يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى أَلْفِ ذَكَرٍ مِنْ صُلْبِهِ كُلُّهُمْ قَدْ حَمَلَ السِّلَاحَ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَالْعَطَّارُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ بن عَدِيٍّ لَيْسَ هُوَ صَاحِبُ الْمَغَازِي بَلْ هُوَ الْعُكَّاشِي قَالَ والْحَدِيث مَوْضُوع وَقَالَ بن أَبِي حَاتِمٍ مُنْكَرٌ قُلْتُ لَكِنْ لِبَعْضِهِ شَاهِدٌ صَحِيح أخرجه بن حبَان من حَدِيث بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَقَلُّ مَا يَتْرُكُ أَحَدُهُمْ لِصُلْبِهِ أَلْفًا مِنَ الذُّرِّيَّةِ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يُجَامِعُونَ مَا شَاءُوا وَلَا يَمُوتُ رَجُلٌ مِنْهُمْ إِلَّا تَرَكَ مِنْ ذُريَّته ألفا فَصَاعِدا وَأخرج الْحَاكِم وبن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ

الصفحة 106