كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 13)

حِينَ تَرَكُوهُ فَيَخْرِقُونَهُ فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ الْحَدِيثَ قُلْتُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بن سَلمَة وبن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ قَتَادَةَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْهُ فَأَدْخَلَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَة أخرجه بن مَرْدَوَيْهِ لَكِنْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بِأَنَّ أَبَا رَافِعٍ حَدَّثَهُ وَهُوَ فِي صَحِيح بن حبَان وَأخرجه بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَ أَبُو رَافِعٍ وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي صَالح عَنهُ لكنه مَوْقُوف قَالَ بن الْعَرَبِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثُ آيَاتٍ الْأُولَى أَنَّ اللَّهَ مَنَعَهُمْ أَنْ يُوَالُوا الْحَفْرَ لَيْلًا وَنَهَارًا الثَّانِيَةُ مَنَعَهُمْ أَنْ يُحَاوِلُوا الرُّقِيَّ عَلَى السَّدِّ بِسُلَّمٍ أَوْ آلَةٍ فَلَمْ يُلْهِمْهُمْ ذَلِكَ وَلَا عَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَرْضُهُمْ لَا خَشَبَ فِيهَا وَلَا آلَاتٍ تَصْلُحُ لِذَلِكَ قُلْتُ وَهُوَ مَرْدُودٌ فَإِنَّ فِي خَبَرِهِمْ عِنْدَ وَهْبٍ فِي الْمُبْتَدَأِ أَنَّ لَهُمْ أَشْجَارًا وَزُرُوعًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآلَاتِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَأَخْرَجَ بن أبي حَاتِم وبن مرْدَوَيْه من طَرِيق بن عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَهُمْ نِسَاءٌ يُجَامِعُونَ مَا شَاءُوا وَشَجَرٌ يُلَقِّحُونَ مَا شَاءُوا الْحَدِيثَ الثَّالِثَةُ أَنَّهُ صَدَّهُمْ عَنْ أَنْ يَقُولُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَتَّى يَجِيءَ الْوَقْتُ الْمَحْدُودُ قُلْتُ وَفِيهِ أَنَّ فِيهِمْ أَهْلُ صِنَاعَةٍ وَأَهْلُ وِلَايَةٍ وَسَلَاطَةٍ وَرَعِيَّةٍ تُطِيعُ مَنْ فَوْقَهَا وَأَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَعْرِفُ اللَّهَ وَيُقِرُّ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْكَلِمَةُ تَجْرِي عَلَى لِسَانِ ذَلِكَ الْوَالِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفَ مَعْنَاهَا فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِبَرَكَتِهَا وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ فِيهِ فَإِذَا بَلَغَ الْأَمْرُ أَلْقَى عَلَى بَعْضِ أَلْسِنَتِهِمْ نَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا فنفرغ مِنْهُ وَأخرج بن مودويه مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ فَيُصْبِحُونَ وَهُوَ أَقْوَى مِنْهُ بِالْأَمْسِ حَتَّى يُسْلِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حِينَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ أَمْرُهُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ غَدًا نَفْتَحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَيُصْبِحُونَ ثُمَّ يَغْدُونَ عَلَيْهِ فَيُفْتَحُ الْحَدِيثَ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا قَوْلُهُ قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ هَذَا يُخَصِّصُ رِوَايَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ بِلَفْظِ قَالُوا أَنَهْلِكُ وَيُعَيِّنُ أَنَّ اللَّافِظَ بِهَذَا السُّؤَالِ هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَاوِيَةُ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ أَنَهْلِكُ بِكَسْرِ اللَّامِ فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ مَيْمُونَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فِي نَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ فُرِجَ اللَّيْلَةَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فُرْجَةٌ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعَذِّبُنَا اللَّهُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَوْلُهُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ كَأَنَّهَا أَخَذَتْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ قَوْلُهُ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَالْمُوَحَّدَة ثمَّ مُثَلّثَة فسروه بِالزِّنَا وأبأولاد الزِّنَا وَبِالْفُسُوقِ وَالْفُجُورِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ قَابَلَهُ بالصلاح قَالَ بن الْعَرَبِيِّ فِيهِ الْبَيَانُ بِأَنَّ الْخَيِّرَ يَهْلِكُ بِهَلَاكِ الشِّرِّيرِ إِذَا لَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ خُبْثَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا غَيَّرَ عَلَيْهِ لَكِنْ حَيْثُ لَا يُجْدِي ذَلِك ويصر الشرير على عمله السيء وَيَفْشُو ذَلِكَ وَيَكْثُرُ حَتَّى يَعُمَّ الْفَسَادُ فَيَهْلِكَ حِينَئِذٍ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ ثُمَّ يُحْشَرُ كُلُّ أَحَدٍ عَلَى نِيَّتِهِ وَكَأَنَّهَا فَهِمَتْ مِنْ فَتْحِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ مِنَ الرَّدْمِ أَنَّ الْأَمْرَ إِنْ تَمَادَى عَلَى ذَلِكَ اتَّسَعَ الْخَرْقُ بِحَيْثُ يَخْرُجُونَ وَكَانَ عِنْدَهَا عِلْمٌ أَنَّ فِي خُرُوجِهِمْ عَلَى النَّاسِ إِهْلَاكًا عَامًّا لَهُمْ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَالِهِمْ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ بَعْدَ ذِكْرِ الدَّجَّالِ وَقَتْلِهِ عَلَى يَدِ عِيسَى قَالَ ثُمَّ يَأْتِيهِ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنَ الدَّجَّالِ فَيَمْسَحُ وُجُوهَهُمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى أَنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ وَيَحْصُرُ عِيسَى نَبِيُّ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ

الصفحة 109